قابلتهم بالأمس انتظرتهم طويلاً فعندما دعانى صديقى العزيز ودفعتى للعشاء بمنزله الجديد فى التجمع الخامس لم أكن فى اشتياق كبير للقاء صديقى ودفعتى ولكن كان شغفى للقاء أبنائه الذين لم أرهم مطلقاً إلا من خلال مواقع التواصل الاجتماعى فهم من القارئين الجيدين لى بل هم لايضعون حتى اللايك إلا فى موقعه حتى أننى كنت أعرف أهمية هذا البوست من تعليقهم ومن متابعتى لهم كنت أعلم أنهم مهندسون وخريجو كليات الهندسة المصرية وليس جامعة خاصة أو جامعة أمريكية ولكنى كنت أعتقد أنهم شباب عادى ممن يتكلمون عنهم فى الإعلام ينتظرون القوى العاملة ويعتمدون على الواسطة التى أعلم أنا شخصياً ماهى قدرات والدهم وعلاقاته العامة والخاصة بل وقدرات عائلته التى تمتد جذورها لقرون طويلة حتى أننا ونحن طلبة فى الكلية الحربية وفى فرقة معلمى الصاعقة كان يسمى خيمتنا (خيمة ولاد الناس) على سبيل المزاح.
وذهبت إليه فى موعدى فى الثامنة حتى أغادر فى موعد مناسب وبعد أن قابلته وسط ترحيب وحفاوة وتفقدنا معاً فيلته الجديدة وبدروم للسيارات وحديقة ظريفة ومداخل جميلة ثم تفقدنا غرف الأبناء الذى اشتقت لرؤيتهم وكان السؤال العفوى هو العيال فين طبعاً تلاقيهم قاعدين على كافيهات مع أصدقائهم فكان الرد غير المتوقع العيال مابترجعش من شغلها دلوقتى هما بينزلوا 9 صباحاً وفادى بيرجع 10 مساءً ومحمد بيرجع 12 مساءً الاتنين ياسيدى شغالين فى القطاع الخاص واحد فى شركة فى المقطم وواحد فى شركة فى المعادى ورددت بسرعة طيب ليه يا أحمد ماشغلتهمش فى القطاع العام رد بسرعة فادى اشتغل عام واحد وجالى وقاللى انا حقدم استقالتى وكنت فى منتهى الحزن والنكد ولكنه أقنعنى بأنه تفكير خاطئ فكيف يمكث فى القطاع العام ويلغى طموحه لمجرد انتظار المعاش وهكذا كان درس الأبناء للآباء درس لتغيير المفاهيم البالية درس للمجتمع كله درس للمستقبل ونسيت مع حديث صديقى العشاء ونسيت معها ذكرياتنا الطويلة التى تعدت الـ40 عاماً ولأول مرة نلتقى وننسى حديث الصاعقة والمظلات وحبس الخميس والجمعة وحتى ذكرياتنا ونحن ضباط ونسيت كل شىء وأنا فى انتظار الآبناء.
وبدأ خيالى يرسم لهم صورة فأنا لم أرهم سوى فى صورة صغيرة على فيس بوك ومرت الساعات طويلة وأنا شارد فى المواجهة مع هؤلاء الشباب الذى ينتصر على أفكارنا البالية والتى عفا عليها الزمان جيل صنع لأبنائنا تماثيل من ورق وصنع لهم مستقبلا من رمال ونحفر دائماً فى البحر ومازاد من تفكيرى وحيرتى هو اتصال تانى من شباب قريتى شلشلمون وهم يتواصلون معى لأن طموحاتهم كبيرة وعظيمة ولكن لا وجود لها على الأرض ويبحثون عن طريق ممهد فلا جدوى للبحث وللأسف شعرت بضعفى وقلة حيلتى ولكن هؤلاء هم من يعطوننى الأمل هؤلاء الشباب هم القوة الحقيقية لمصر.
وتانى شردت طويلاً فى تعيين الوزراء فى دولة الإمارات التى نتغنى بها فقد صنعها شباب ونحن مصممين أن يصنع المستقبل العجائز وهذا هو المستحيل بعينه وفى لحظات اتفتح باب الشقة ووجدت أمامى شابين صغار الجسم ولكن كلهم حيوية ونشاط رغم طول فترة العمل وبعد الترحيب بى سألهم والدهم إنتوا كنتم مع بعض رد فادى لا اتقابلنا صدفة على الباب ومع كوب الشاى الدافئ وأجمل كيكة دار الحديث الذى تشوقت إليه معهم وبعد أن عرفت منهم أنهم يعملون فى مجال البرمجيات وحاصلين على الماجيستير فبادرت بسؤالى لماذا لا تعدون مشروعاً خاصاً بكم والدوله متشوقة لصناعة البرمجيات بدلاً من الصناعات التافهة التى يديرها رجال أعمال وهميون وتصبحوا أصحاب مصنع بدلاً من العمل عند أحد وكنت أنتظر كلمة ياريت التى يقولها الجميع ولكنى فوجئت بشباب يعرف كل شىء عن بلده ومزاياها وعيوبها ومشاكلها وكان الرد أنا من الممكن أن أصنع منتجاً ولكن هناك من يتلاعب فى طريقة التسويق لمنتجه وهنا سأخسر كل شىء وتكلمت وتكلموا وناقشت وأجابوا وكانت الملاحظة الغريبة أنهم لم يسألونى نهائيا.
وهنا تأكدت أن هذا الجيل فقد الثقة تماماً فى قدرات الجيل السابق بالبلدى كده أصبح تفكيرنا (خُردة) نعم لازلنا نبحث بتفكير تافه وأمثلة شعبية حقيرة انتهى زمانها كما انتهى زماننا وبعد أن كنت اعتقد أننى سأكون نجم الجلسه فوجئت أننى اتعلم من ابناء صديقى وتأكدت وأيقنت اننا سبب بلاوى ومشاكل ابناؤنا حتى عندما نزوج بناتنا فإننا نبحث عن وظيفه ولانبحث عن الرجل ولا الحُب ولاحتى الآمل ولا المستقبل فالمستبقل بالنسبه لنا هو شىء واحد وظيفة فقط خرج معى صديقى والأبناء ليودعونا حتى سيارتى وكنت أنظر لعينيى الأبناء وكأنهم يقولون لى هل عرفت أنكم على خطأ نعم يابنى عندى الشجاعة لأؤكد أننى مخطئ وأنكم الأفضل.