لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى ... حتى يراق على جوانبه الدمُ
رحم الله المتنبى قالها قديما وتخاطب حالنا هذه الأيام، فالمتدبر بعين البصيرة يجد أن هذه الحروف الخالدة التى ذكرها فى ديوانه كان يقصد بها أنه لا يسلم للشريف شرفه من أذى الحساد والمعادين حتى يقتل حساده وأعداءه، فإذا أراق دماءهم سلم شرفه لأنه يصير مهيبا فلا يتعرض له، ومن يتحدث عن الشرف فى هذه الأيام يكال له أقذع الألفاظ التى تأنفها الطبيعة البشرية، وهذا حال المصلحين فى كل وقت حين ومن كل حدب وصوب .
إن ما يجرى الآن فى باحات المسجد الأقصى المبارك من إغلاق وقتل وتدنيس للمقدسات، يعتبر شرفا ضائعا وأصبح الصامتون يرتدون ملابس تلطخت بالعهر، ودُنست ألوانها التى من المفترض أن تكون ناصعة البياض بالعزة والكرامة وميراث الأجداد .
منع الصلوات فى بيوت الله ليس له مبرر، فالحق فى ممارسة الشعائر والعبادات والطقوس الدينية كفلته كافة الشرائع القانونية والدستورية فى شتى بقاع دول العالم، وما يحدث الآن مخالفات وخروق واضحة لتلك القوانين والجميع يقف موقف المتفرج الذى لا حيلة له ولا قوة تحت العديد من المبررات التى تثير السخرية .
لا أقول لنحشد الجيوش العربية أو الإسلامية ونذهب لنقاتل ونعيد للمساجد هيبتها، فنحن لا نملك تلك القرارات ولدينا من التحديات فى بلداننا ما يجعل الحشد أولى به الداخل وليس حشداً عسكريا بل هو حشد من نوع أخر، وهو الحشد الأخلاقى وإطلاق ثورات الضمير والنخوة والمعايير الأخلاقية والقيم المتوارثة عن الأجداد .
ما أحوجنا إلى هزيمة أعدائنا وإعادة شرفنا التليد بالرجوع إلى الفطرة السليمة، وإحياء السلوكيات القويمة حتى يظهر أجيال تعِ وتدرك معنى الشرف الذى نادى به المتنبى يوماً فى هذا البيت الشعرى الذى يوازى معلقات أدبيه، وبالتالى سيكون تحرير المقدسات الإسلامية أول الأولويات لا أخرها مثلما يحدث حاليا .
فقد أعمت المصالح والأهواء الشخصية أصحابها، وزكمت رائحتها الأنوف وجعلت التفريط فى معانى الشرف هو النبراس والقائد الملهم .
الشرف الملطخ الذى يتمرغ فيه القاصى والدانى يحتاج إلى ثورة أخلاقيات سلاحها التنشئة ودباباتها وراجمتها وقاذفتها المدرسة والمسجد والكنيسة والشارع والعمل بها تصبح كفة الميزان مستقيمة وبها يصبح معنى الشهادة من أجل العرض والمال أسمى الأمنيات وأغلاها .
(محمد مات، محمد خلف بنات).. خمس كلمات فى اناشيد صهيونية أقدم لهم التهنئة عليها فقد أجادوا استخدام المفردات فى التعبير عن واقع شباب وشعوب لم يعد الاقتداء بسنة النبى الكريم صل الله عليه وسلم لها منهجاً، وضاعت القدرة والقوة والصلابة فى ذكورهم حتى أصبح الكثير منهم أقرب للمخنثين منهم إلى طائفة الذكور .
أصابوا القول وصدقوا ومقولتهم محمد خلف بنات ليس انتقاصا من قدر الإناث، بل أخذوا من صفات البنات الرقة والدلال ولين الكلام وعدم القدرة الجسدية ولصقها بذكور خير أمة أخرجت للناس، وكما تلاحظون ذكورنا أصبحوا مثالا صارخا للرقة والدلال والنعومة والميوعة .
الثورات الأخلاقية والقيم الجوهرية النظيفة فى المجتمعات لا تهدف إلى التخريب بل تهدف إلى التعمير وصلاح حال المجتمعات وهذا ما أخذته على عاتقى منذ بداية مشوار الكتابة ولا أخشى فيه لومة لائم كونه يصلح ولا يضر ويبنى ولا يهدم ويعمر ولا يخرب .
فلنتكاتف سوياً أحبتى لنجعل الثوب ناصعاً خاليا من الدنس ولنجعل الشرف معيار لسان حالنا ونغرس ذلك فى أبنائنا وبناتنا لنبدل المقوله الصهيونية إلى (محمد باق فينا - محمد هادينا ) ستطيب مجتمعاتنا بمعيار الشرف والرجوع إلى ثورات الضمائر والبعد عن الأهواء والنزعات الشيطانية والمصالح الشخصية المتفردة، وعلى النقيض من ذلك فإن خبث مجتمعاتنا سيكون باستمرار ارتداء ثوب تلطخ بالهوان النفسى وضياع الحمية وغياب الكرامة .