هى مرحلة فى عمر الإنسان ، تمثل المصفاة التى تغربل كل الانفعالات والمشاعر والخبرات التى يمر بها الإنسان بدءا من مرحلة الطفولة، ثم المراهقة ثم النضوج الكامل للفكر والعقل.
تأتى بعد مرحلة النضوج مرحلة منتهى النضوج ، وفى تلك المرحلة موضع حديثنا تتحول فيها كل الأشياء التى أثرت فى حياتنا إلى اللاشئ ، كل شئ كان يؤثر فى حياتنا يفقد معناه ، وكل اهتماماتنا التى كنا نعتقد فى يوم من الأيام أننا لن نستطيع العيش بدونها تفقد رونقها بداخلنا وتزول، مثل الإحساس بالحب أو الكره لشخص ما او شئ ما.
هذا الإحساس يبلغ أعلى ذروته فى مرحلة المراهقة والنضوج ثم يتدرج فى سلم العمر حتى يبلغ أدنى مستوى ، ويشعر الإنسان بأنه كان مبالغا فى تصوره لمعنى الحب ومعنى الكره ، الحبيب عنده لم يعد حبيبا بالمعنى الذى كان يألفه والعدو ليس بعدو ، كل انفعال أصبح هادئا رزينا ، وكأنها نارا وأكلت نفسها ، كذلك تفقد الإهتمامات رونقها وحلاوتها ، فكل شئ كنا نحبه ونستمتع بعمله ويبعث بداخلنا السعادة يذوب ويتلاشى فى مرحلة اللاشىء ، مثل الاستماع لبعض الأغانى التى كنا نحب سماعها أو ممارسة إحدى الهوايات أو حتى التقرب من الناس والحرص على علاقتنا بالأصدقاء ، أوالرغبة فى تطوير الذات ، كل هذه الأشياء والإهتمامات تدخل فى شرنقة الثبات والجمود التى اقصد بها مرحلة اللاشىء ، كل شئ يتلاشى ويقل إلا رغبة واحدة فى نفس الإنسان وهى رغبة التقرب إلى الله ،فيأتى التفكير فى الموت كثيرا ، ويشعر الإنسان بأنه كان مقصرا فى طاعة الله، فيندم ويلتمس التوبة من الله على تقصيره، ينمو لديه الجانب الإيمانى، وكأن أرضا مات بها كل الزرع الذى نبت بها حتى يزهر بها من جديد نبتة مشرقة جميلة ثمارها، هى نبتة اللجوء إلى الله والتضرع إليه ، فتتبدل مواسم العمر وزرعها وحصادها ، لتزهر بعدها نبتة ربيع الإيمان فى القلوب ، فما أجملها من نبتة!