فى أمسية تنتمى للفكر الراقى والأسلوب المحترم كان لقائى مع أصدقائى من أهل الفكر والثقافة، وعندما يجتمع الفهم مع الفكر مع الثقافة مع حسن التربية لن تجد أبداً أصواتا عالية أو نعرات تشق الصف، ستجد كل شخص من الحضور يدلى بدلوه فى الموضوع الذى نتحدث فيه بلا ( سفه مخل) أو ( تطبيل ممل ) فكل شخص يتحدث من وجهة نظره بأسلوب راقى مبرهناً على معتقده بدلائل وظواهر تؤكد صحة كلامه ووجهة نظره بأسلوب يجبرك على احترامه.
فمنهم من ينتقد الحكومة وكيفية تعاطيها مع الأحداث ويعتقد أنها حكومة لا ترقى لأحلام الفقراء الذين تم طحنهم فى آتون الأسعار الملتهبة فى الوقت الذى مازال الفاسدون ينعمون بحياة الرفاهية بعدما استفادوا من عصور الفساد أو من يطلق عليهم ( أغنياء الثورات) ، ومنهم من يدافع عن الرئيس والحكومة بشكل مستميت ويرى أن الوطن تم إنقاذه قبل أن تنحدر به الفتن لمستنقع الاقتتال الداخلى ولنا فيما يحدث فى دول الجوار مثال حى لما كان ينتظر مصر من مصير لولا ستر الله ووقفة الرجال الذين ضحوا من أجل تراب هذا الوطن الغالى .
فقلت لهم أما أنا يا أصدقائى فقد اختلف مع سياسات الحكومة وكيفية تعاطيها مع مواقف محددة أو تصرفات تقوم بها الحكومة وأراها من وجهة نظرى غير مناسبة أو خانها التوفيق بما أننى مازلت أؤمن أن هناك بعض الأشخاص فى الدولة لا يستحقون تلك المناصب التى أوكلت لهم .
وقد اختلف مع الرئيس فى بعض ما يصدره من قرارات أجدها من وجهة نظرى أتت فى توقيت صعب وخاصة ما يخص عملية الإصلاح الاقتصادى التى طالت الجميع وتأثر بها الفقير بشكل كبير حتى لو تم دعمه ، فالدعم للطبقة المتوسطة والفقيرة لم يكن ليقابل هذه الطفرة التى حدثت فى الأسعار فقد استغل البعض عدم الرقابة على الأسعار و( ركبوا الموجة ) دون حسيب أو رقيب مما كان له بالغ الأثر على الفقير الذى أوشك على الضياع بسبب الاستغلال والجشع الذى أصاب البعض .
ولكننى وإن اختلفت مع الحكومة فى سياساتها إلا أننى لم أقدح فى أشخاصها ولم أخرجهم من وطنيتهم ولم أسبهم بألفاظ خارجة يحاسب عليها رب العالمين قبل أن يحاسب عليها القانون فهم يعملون وفق خطط تم دراستها من جميع الجوانب ودائماً أتذكر قول صديقى عندما وصف الشخص الذى يعمل ومن ينتقده كالمتفرج على مباراة للكرة واللاعب الذى يؤدى بالكرة ، فالمتفرج يرى الملعب كاملا وهو أهدأ أعصابا ويقوم بالتوجيه بكل انفعال فى الوقت الذى يعانى فيه اللاعب داخل الملعب من ضغوط كثيرة منها ضغوط الخصم وأرضية الملعب وتوجيهات المدرب والخطة التى يلعب بها وأمور كثيرة قد لا تكون ظاهرة لهذا المتفرج أو المنتقد .
كذلك عندما أنتقد قرارات للرئيس لا يجول بخاطرى ( شخصنة ) الأمر وأنى انتقد القرارات لمجرد حاجة فى نفسى أو أحمل للرئيس ضغينة فمثل هذا الأمر لا يحمله إلا أهل الغل والحقد وأنا ازعم أننى لا أحمل فى قلبى غل ولا حسد لأحد ناهيك عن رئيس الجمهورية الذى هو ولى أمر وجبت له طاعتى فى غير معصية ووجب له دعائى بأن يوفقه الله لخير البلاد والعباد وأن يرزقه البطانة الصالحة فهذا حق الرجل على وأعلم أيضاً أن موقع المسؤولية موقع خطير يستوجب مجهود كبير وهى أمانة وتكليف قبل أن تكون تشريف .
وقبل أن اختم حديثى معك أيها القارئ الواعى المحترم أقول لك كم أتمنى أن نرتقى بنقاشنا وحديثنا مع بعضنا البعض وأن يدلوا كل منا فيما يفقه فقط ، فقد تحول اغلب الناس إلى علماء فى كل ما يتم طرحه ، وعلينا عندما ننتقد أو نهاجم سياسات معينة أن نبتكر حلولاً لتلك المشكلات وأن نبدأ بأنفسنا فلن ينصلح حال بلادنا بأقوال المتسلقين أو ما يطلق عليهم ( المطبلاتية ) ، ولن ينصلح الحال أيضاً بالنقد الدائم دون تقديم حلول ، أو بالنقد لمجرد الكره والغل والحقد على من هو فى موقع المسؤولية لأنى دائماً أتذكر قول الله عز وجل ( ولا يجرمنكم شنئان قوم على ألا تعدلوا ) صدق الله العظيم .