تساءلت وهى تصرخ بصرخات مدوية، ولم تجد إجابة تروى ظمأ عقلها .. قالت ودموعها تغطى وجهها، أين حقى؟!.. هل هو حلم منهوب، ذهب إلى مكان لا أعرفه؟ وبأى ذنب سرق منى؟ .. فأنا مشهود لى بالتفوق على مدار تاريخى الدراسى، وقد اجتهدت طوال هذا العام كى أحقق حلمى وطموحاتى.. لكن النتيجة لم تكن مرضية على الإطلاق على الرغم من أننى أديت الامتحانات بإجابات نموذجية على معظم الأسئلة.. وأخطائى لم تكن إلا أخطاء بسيطة مثلى مثل الكثيرين!.. فقد كنت بعد أداء كل امتحان، أراجع مع زملائى ومدرسى.. وكانت إجاباتى شبيهة بالمجموعة التى نشئت وسطهم متفوقة .. لكننى فوجئت أن نسبتى المئوية التى حصلت عليها لا تقارن بالنسبة المئوية التى حصل عليها زملائى.. ويعلم الله أننى فرحت لتفوقهم.. لكننى صدمت فى المجموع الذى حصلت عليه، وشعرت بالسخط على التعليم وإدارة التصحيح فى كنترولات الثانوية العامة التى يقوم عليها مجرد موظفين يتعاملون مع الإجابات طبقا لقالب أعدته وزارة التربية والتعليم بعيدا كل البعد عن الفهم!.. فقد اطلعت على إجاباتى بعدما تظلمت على النتيجة.. فإجاباتى نموذجية لمن يقرأها.. ولقد أدركت أن الحظ وحده يلعب دور البطولة فى التفوق!.. فالكثير من الطلبة والطالبات حصلوا على نسب كبيرة تفوق قدرتهم الدراسية والعقلية.
لقد وجهت لأبيها كلماتها معاتبة: لم خدعتنى يا أبى حين أخبرتنى أن الوضع فى مصر سيتبدل بعد الثورات؟.. ألم تخبرنى يا أبى أن الثورات التى شاركت فيها، قامت على إرساء قواعد العدل؟، فأين العدل إذا؟ هل نسوه؟ أم قتلوه؟ .. وعلى الرغم من الذهول الذى سيطر على أبيها وحزنه الشديد، إلا أنه قال لها: لا تكفرى بالبلد يا ابنتى، إنها تحاول أن تتعافى من مرض عضال عانت منه لأكثر من ستة عقود!.. فاصبرى واحتسبى عند الله .. وحتما سيأتى اليوم الذى نتفاخر بأننا نعيش فى بلد العدل والحرية.. وما حدث لك من صدمة، ما هو إلا نتاج نظم تعليمية بائسة، تحتاج إلى التغيير والتطوير بشكل تدريجى بعيدا عن حقول التجارب التى يطبقونها من وقت إلى أخر.. تجارب تخلو من الموضوعية والاحترافية!.. وناهيك عن الضمائر الخربة التى تقوم على التصحيح داخل الكنترولات، مما يتوجب إقصاء كل هؤلاء!.. فقلت لأبى: حسبى الله ونعم الوكيل .. ولله الأمر من قبل ومن بعد .
هذه رسالة إلى من يهمه الأمر.. فقد فاض الكيل من الظلم الذى يقضى على طمحوحات شباب واعد فى عمر الظهور.. فالظلم ليس فى قطاع التعليم فحسب، إنما فى معظم قطاعات الدولة.. لك الله يا رئيس جمهوريتنا المحترم، ونحن وراءك نساندك كى تعدل الحوائط المائلة.