ذات ليلة شديدة السواد، هبط عفريت صغير السن، ربما أراد أن يستكشف الحياة الدنيا والأرض وما عليها، فنزل من عالمه يتعثر فى خطاه وراح يضرب فى الأرض يقطع الوديان والقفار والصحارى مستمتعا بما يراه وكأنما ملك الدنيا وما فيها ..
ساقته قدماه وللدقة والأمانة لا نعرف أن كانت قدماه أم قرناه .. لكنها على العموم ألقت به فى طريق حسنا . ربّة جمال هاربة من جبال الأوليمب الإغريقية، رأها العفريت فسال لعابه وخفق قلبه بشدة ثم سقط صريع هواها .
دار حولها دورات كثيرة وكأنما يطوف حول جمالها. وأخيرا قرر أن يكون لها وتكون له ولو قصرا، فأحكم قبضته عليها ثقة بضعفها البشرى وصعوبة أن تتحمل جبروته الشيطانى ..
وعى الملاك الصغير لتحوّلات تطرأ عليه وتغييرات تعتريه دون إرادة منه فنظرت طويلا فى حالها وفكرت وأدركت أن هاجسا خفيا يطاردها فى نومها ويقضّ مضجعها ..
فاستجمعت قواها وأرته بأسها فكان اقترابه منها وبالا عليه، وبدلا من أن يتلبّسها وينغص عليها عيشها، تلبّسته هى فجعلت منه أضحوكة بين عالم الجن، وأضحت أيقونة يلجأ إليها حكماء الجن لإثارة الرعب بين صغارهم .