أقول والألم يعتصرني: أن ثقافة جهنم هى واحدة من أخطر ما تواجهه مصرنا المحروسة من معوقات وتحديات، لأنها تحرق الدخل والداخل، ثقافة جهنم هى التى قال عنها القرآن الكريم:"يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ (30) ق.
ويصفونها فى اللغة: بالطمع، وطمّاع المال لا يشبع حتى لو كان له واديان من ذهب لطلب المزيد. وهذا الطمع وتلك الثقافة هما اللذان تطالعنا الصحف يومياً بأخبارهما: متمثلة فى القبض على موظف أو موظفين اختلسوا الملايين، ومن أمثلتها الخبر الذى نشره انفراد يوم 14 أغسطس تحت عنوان: "الفاسدون يتساقطون.. ضبط مسئولين بوزارة التموين استولوا على 2 مليون جنيه من أموال الغلابة. التحقيقات: المتهمون استباحوا أموال الدعم المخصصة لمحدودى الدخل واشتروا بها سيارات حديثة"، ومع رفضنا للسرقة شكلاً ومضموناً فإنها تتفاقم لأننا لم نأخذ من تراثنا العبرة والدرس، فأجدادنا رحمهم الله قالوا لنا المقولة التى أصبحت مثلاً شعبياً نردده ولا نعمل به: "المال السايب بيعلم السرقة".
والغريب والمريب أن يعتنق البعض ثقافة جهنم لعدة سنوات دون أن يكتشفهم أحد، رغم وجود لجان التدقيق المالي، والمراقبة المالية وثالثهم الروتين الذى لا يطبق إلّا على الغلابة فقط، أما أتباع ثقافة جهنم فهم مسنودون ويعرفون كيف يجدون جحراً يختفون فيه. ورغم الحكمة القائلة:"يكاد المريب أن يقول خذوني، فموظف: الله ثم أنتم أعلم بحال الموظف، الذى يبدو عليه الثراء فجأة، أليس ذلك ملفتاً للنظر ومثيراً للريبة ومدعاة لتقصى الحقائق؟!!!.
قلت فى بداية الكلام: أن ثقافة جهنم تحرق الدخل والداخل، فهى تسرق الكثير من دخل مصر القليل، أما الداخل فهى ليست عدوا خارجياً واضحاً فى عدائه حتى ندبر أمورنا معه، وإنما هى كما نقول فى عاميتنا: " منا وفينا". وهذا هو الخطر الكبير الذى ينتشر كما السوس ينخر فى جذع النخلة دون أن نراه ولا نكتشفه إلا عند سقوط النخلة مدرجة فى سوسها!.
أتباع ثقافة جهنم عندما يسقطون يعرضون التصالح ورد المبالغ المسروقة، وهنا أتعجب!، رد المبالغ المسروقة لا خلاف عليه.. لكن خيانة الأمانة التى وكلت إليهم ليقوموا بخدمة الوطن مقابل رواتب يتقاضونها، فهم لم يكتفوا بالحلال وإنما امتدت أيديهم للسرقة فهى خيانة أمانة بلا جدال، لذلك اتمنى وليس كل ما يتمنى المرء يدركه: "أن يكون عقاب اتباع ثقافة جهنم السجن خالدين فيه أبدا عقاباً لهم وردعاً لأمثالهم . وتحيا حبيبتنا مصر .