ميلاد صديق غالى يكتب: مديون أم دائن؟

معظمنا يعرف قصة جحا.. والتى تحكى أن جحا باع منزله ولكنه ترك مسمارا به ومن حين لآخر يطرق الباب على المشترى الجديد ويطلب منه أن يطمئن على المسمار، تكرر هذا أكثر من مرة وأصبح لجحا حُجة ليدخل بها البيت، حتى أننا فى بعض الأحيان نقول لبعضنا (عامل زى مسمار جحا) .. ما المقصود بهذه القصة؟ المقصود بها هو أن جحا أصبح دائنا للمالك الجديد بالرغم من أنه لا يملك شيئا بالمنزل سوى شىء تافه وهو (مسمار) لا غير، وأصبح له حُجة للمطالبة به ... قصة بسيطة لكن لها مدلولات عديدة ... والسؤال هنا.. هل أنا مديون لبلدى أم دائن؟ أو بمعنى آخر هل أنا مطالب أن أقدم لبلدى الكثير أم إحساسى نحو بلدى أنها لم تقدم لى شيئا؟، الشىء المحزن أن معظم الاجيال الصاعدة لديهم فكرة راسخة أن الدولة فى حالة تقصير دائم ولم تقدم أى شىء بل تأخذ أكثر بكثير من ما تعطى، وإذا دخلت فى نقاش مع أحدهم تجد ردودا صادمة تشعرك بالغثيان.. مثل .. ماذا أعطتنا البلد حتى يكون لنا ولاء لها.. أو كيف نقدم عطاء لبلد لم تعطنا أى شىء.. المشكلة أن معظمنا يربط الولاء للبلد بما تقدمه الحكومات على مر الزمن، أو بمعنى آخر يربطون الولاء للبلد بالأشخاص. لنكن صادقين مع أنفسنا.. ماذا قدمنا نحن لبلدنا.. حصلنا على تعليم مجانى، فماذا قدمنا من الناحية العلمية؟.. هل أخلصنا فى العمل؟.. هل أخلصنا فى تعاملنا مع ممتلكات الدولة؟.. هل نظفنا شوارعنا؟ هل احترمنا القوانين؟.. هل سعينا إلى نشر الأخلاق الحميدة من خلال التعامل اليومى؟.. أم أن هناك تقصيرا واضحا. معظم من سافروا للخارج يقارنون بين هنا وهناك ويكون تعليقهم (بلدى غيه اللى عايز يكون لى فيها ولاء.. شوف بلاد الخارج.. الإنسان ليه قيمة).. ممكن نقول إنه كلام معقول نسبياً.. ولكن لقد نسى هؤلاء أن الذين شرعوا القوانين هم أفراد.. وايضاً نتيجة لاحترام تلك القوانين أصبح هناك سلوك عام جيد لدى الافراد نجده فى حياتهم وتعاملاتهم اليومية، وبالتالى ينعكس ذلك على الشكل العام للبلد ... اذاً .. ليس للدولة ذنب فيما نسلكه من اخطاء، بل أخطاؤنا يجب أن نتحملها بأنفسنا، ولا نلصقها بالبلد. الخلاصة هو اننا لا يجب أن نربط بين حب بلادنا وبين الحكومات أو القيادات.. يجب أن يكون حبنا لبلادنا حبا نقيا خالصا لا يرتبط بشخص أتى ليحكم أو آخر ذهب .. لا يجب أن نربط بين إهمالنا وتسيبنا بالحكومات.. بل افعل ما يمليه عليك ضميرك دون أن يكون هناك رقيب بشرى واخلص فى دراستك أو فى عملك.. احترم القوانين... حافظ على أملاك الدولة التى يستعملها الجميع... علم أولادك الأخلاق الحسنة وعلمهم كيف يسلكون بأدب مع الآخرين.. كل هذا يخلق "جو عام" من الاستقرار ونهوض واضح بالدولة يراه من يعيش فيها او من يراها من الخارج ... اذاً نحن مديونيين لبلادنا كثيراً وقدمنا لها القليل بل الفُتات، واذا قدمنا لها اكثر ستكون من افضل البلاد .



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;