وفاء القناوى تكتب: بنت السلطان

تعودت من زمن ليس ببعيد على قصة معينة أقصّها فى أوقات كثيرة، فعندما كان يٌطلب منى أن أحكى حدوتة للصغار، على الفور كنت أرد قائلة وبثقة سوف أحكى حدوتة بنت السلطان، وكنت أجد الفرح والحماس للاستماع حيث قل وجود السلاطين فى زمننا وندر، ولذلك كان الكل يرحب بسماعها حتى الأصدقاء عندما يصل الحوار بينى وبينهم لمنحنى لا أرغب فيه، وأريد أن أغير مجرى الحديث، على الفور أصيح قائلة هل أحكى لكم حكاية بنت السلطان؟؟ فيتعجبون منى ومن حديثى، ولكن من باب الفضول كان الرد بالإيجاب والموافقة على الاستماع، وعندما أتوقف لالتقاط الأنفاس أو لتجميع أحداث للقصة أجدهم يحثوننى على إكمال الحكاية، حيث يكون الشغف قد نال منهم. حتى زوجى عندما تمر لحظة صمت بيننا تسرقنا من الزمن كنت أسرع وأسابق توقف الزمن وأبادره قائلة هل أحكى لك حدوتة بنت السلطان؟ كان فى بادئ الأمر يضحك بحب وحنان من طفولتى، إلا أنه يجدنى جادة فى سؤالى فيوافق ثم ينبهر وتعلو الدهشة وجهه بعد ذلك فكيف لى أحكى الحكاية كل مرة بأحداث جديدة ومختلفة، وبعد أن كانت على شفته جملته التقليدية (لقد حكيتيها من قبل فقد أصبحت مثل الطعام البايت)، إلا أنه لا يقولها إعجابا بما يسمع. وبنت السلطان هى أنا وأنتى وكل امرأة فى هذا الوجود، بنت السلطان إنسانه عادية مثل بقية البشر وليست بنت سلطان ولا والدتها كانت سلطانة ولا والدها سلطان ولكننا نحلم بها وبحياتها نحلم معها ونحيا حياتها، حياة الملوك والأمراء وما ينعمون به من الرفاهية ورغد الحياة، تنفيساً عن أنفسنا من هجير الحياة، وكنت أشفق دائما على بنت السلطان حيث غدْر البشر سبق غدر الزمان بها، رغم كونها بنت سلطان حيث الأب الظَهر والسند والعز والجاه، وحيث الإخوة الوتد، كلها تجعل أى امرأة بنت سلطان حتى بدون أن يكون والدها سلطان وبدون أن يكون هناك سلطنة، ولكن لعبة الحب والأقدار دائما ما يكون لها رأى آخر بعيد عن منطق الحياة، فالأب قد يتخلى عن أولاده لكى يتفرغ لحياته وينسى من كانت أميرته الصغيرة والزوج والحبيب ينتقصون من قدرها عندما يهب على قلوبهم رغبة التغير، ويتركونها تصارع فى الحياة وحدها بعد أن كانت أميرة فى حياتها، وفى قلوب من ملّكتهم مفاتيح قلبها وسلّمتهم أقدارها وجعلتها فى أيديهم يقدّرنوها كيفما شاءوا، تنازلت بنفس راضية وقبعت فى الظل بعيدا عن الأضواء التى كانت، فقد اختارت تلك الحياة واختارت أن تكون ملكة وليست بنت سلطان. اختارت أن تكون ملكة على عرش قلب شريكها فى الحياة وفى مملكتها الصغيرة، بيتها، ولكن لا تأتى الرياح دائماً بما تشتهى السفن وتجد نفسها أخيرا ليس لديها مملكة ولا حتى سلطنة، وتصبح فى النهاية بلا شىء فى الحياة، قد تحمل لقب يتيمة أو مطلقة أو أرملة أو تعُول ويضيع منها الظَهر والسند والعز والجاه وكل شىء سواء كان مادى أو معنوى، هذه هى بنت السلطان ضحية كل زمان جريحة، مجرد حطام، حزينة، وإن كانت بنت السلطان الحقيقية تعود إلى سلطنتها وتلبس تاج السلطنة مرة أخرى، إلا أن غالبية النساء لا يعُدن لشىء لأنهن بشر عاديين، حتى أنهن لا يستردّن سلامهن النفسى والحياة الطبيعية ولا يصبحن مثل بنت السلطان .



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;