تحتفل الأمة المصرية والعربية هذه الأيام بذكرى انتصارات أكتوبر العظيمة، ويرى كثير من أولى الألباب أنه يجب استثمار هذه الذكرى فى البناء والعمران والتنمية، وهذا أمر بديهى لا يحتاج لكثير عناء من أجل إقراره أو الاقتناع به.
ومما لا شك فيه أن التنمية والعمران يرتبطان بالفتوى الشرعية المنضبطة، حيث تلعب دورًا مهمًّا فى دفع عجلة التنمية والمساهمة فى استقرار المجتمعات، حيث إن هناك أوصافًا مشتركة بين الفتوى والتنمية؛ إذ إنهما تقومان على تحقيق مصالح الأمة، وإدراك هذه العلاقة يتيح لنا منهجًا من خلاله نحقق صلاح الإنسان وسعادته.
ولا يمكن القول بأن الإنسان لم يخُلِق ليعمل ويعمِّر الدنيا، أو أن يقدم البناء والعمران، لأن جميع الرسل عملوا بأيديهم؛ كما صرح بذلك رسولنا - صلى الله عليه وسلم، ولا بُدَّ من تلازم القِيَم الإيمانية مع التنمية الاقتصادية؛ لأن التنمية الاقتصادية ليست مطلوبة لذاتها، بل هى وسيلة لتحقيق الرخاء والسعادة وإقامة الدنيا والدين، ويرى كثير من الماديين أن الدين يعوق التنمية وهذه أبطولة ( مفرد أباطيل ) لا يراد بها الحق ولا تبتغى الإنصاف.
إلا أن التدين الظاهرى غير المنضبط القائم على الفتاوى الشاذة قد يكون سبيلًا لإعاقة التنمية، حيث إن الفتوى جاءت لتحصيل المنافع والمصالح للبشر باعتبارها حلقة وصل بين أحكام الشريعة من جهة، وواقع الناس من جهة أخرى، حيث تعمل على إقامة أمور معاش الناس ومعادهم وفق أحكام الشريعة، وفى ذلك تحصيل الخير لهم.
ونتيجة المخاطر المرتقبة من الفتاوى الشاذة يترقب العالم بعد أيام المؤتمر العالمى الثالث لدار الإفتاء عبر الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم والتى يرأسها د. شوقى علام مفتى الديار المصرية فى منتصف أكتوبر الجارى، ويأتى المؤتمر هذا العام تحت عنوان: "دَوْر الفتوى فى استقرار المجتمعات " .
ويأتى المؤتمر كخطوة عملية للرد على الفتاوى الشاذة، والدعوة للاستقرار والبناء والعمران، حيث يتزامن إطلاق المؤتمر مع ظهور بعض الفتاوى الشاذة على السطح مؤخرًا، حيث يقوم المؤتمر بتشريح هذه الظاهرة وتقديم حلول عملية للحدِّ منها.
ونسأل الله عز وجل أن يبارك فى هذا المؤتمر ليكون بداية جديدة لدحر الفتاوى الشاذة والمرفوضة والمهددة لأمن واستقرار المجتمعات .
حفظ الله مصر وشعبها ورئيسها وعلماءها