يزداد الحنين بداخلك إلى أشياء لم يعد لها مكان، عندما تنتظر وتتمنى عودة من غاب فى أى وقت أن يطرق بابك، عندما تجد طيفه يعيش معك فى كل تفاصيل حياتك، عندما تسمع بوح كلامه وصدى كلماته تأسرك وتتملكك، عندما تبكى عطر الأمكنة لغيابه، ففى الحنين أشياء لا تستطيع وصفها وفك طلاسم أسرارها.
يقول محمود درويش: "وليسَ لنا فِى الحنين يَد.. وفى البُعد كان لنا ألف يَد.. سلامٌ عليك، افتقدتكَ جدًا.. وعلى السَلام فِيما افتقِد !."
فى كل الأحوال يهزمنا جبروت الحنين وأنينه، يؤلمنا فى مغازلته فى همساته فى صمته وفى بوحه وكبريائه، فى شهقة قلب، فى دمعة عين، فى مقعد فارغ، فى أى شيء يشبه غياب من نحب، هو غمازة حنين لكل شيء نحبه ونعشقه فحجم الاشتياق فاق كل شيء كونه قطعة من روحك.
يقول ماريو بينديتي: أشعر بالتعاسة لمجرد أنى لا اعرف ما هو الشيء الذى أحن إليه."
فى الحنين أشياء تسرقنا من أرواحنا، فى الحنين مشاعر متضاربة فى أعماقنا، فى الحنين لحظة وداع قاسية تهزنا وتدمى قلوبنا، هوس الفراغ يتشبث بأفكارنا، مشاعر مدفونة فى كياننا، سر مكتوم فينا.. مزدحمة به ذاكراتنا، فى الحنين اغتراب عن أوطاننا، أشياء وأشياء تلك هى أقدارنا.
يقول محمود درويش: "أحن إلى خبز أمى وقهوة أمى ولمسة أمى وتكبر فى الطفولة يوما على صدر يوم وأعشق عمرى لأنى إذا مت، أخجل من دمع أمي!"