جمال الغيطانى لم ولن تغب فى يوم من الأيام عن ذاكرتى.. لم ولن أنساك فى يوم من الأيام لأن العظماء يحفرون فى القلوب خطوط الوصال والمحبة التى من الصعب أن تمحوها لا الأيام ولا السنين. أيها الإنسان الذى يقدرك الجميع بمقدار حبك اللا محدود للإنسانية من خلال قلمك البناء وأعمالك النادرة التى خطتها يدك على صفحات المجلات الأدبية والدوريات والصحف الأدبية وخصوصا جريدة أخبار الأدب التى كنت ترأس تحريرها.
لم تكن تعش من أجل ذاتك فقد كان كل فكرك منصبا على مصرنا الحبيبة وكيف تتدخل بمبضعك لكى تزيل كل جرح ألم بها كنت حساسا للغاية وفيا لوطنك .. لم تصدر منك كلمة ما خارج قاموس الحب الإنسانى فقد كنت نعم الأخ لكل القراء .. فقد كنت أيضاً تتمنى أن ترى فى مصر المدينة الفاضلة التى رسمها فى مخيلته أفلاطون ذاته ولكنك كنت تود ان تراها أمرا واقعا وحاضرا معاشا تلك كانت أمنيتك الغالية على قلبك الذى لم يقو على تحمل كل ما كنت تحمله من هموم حتى أصابك المرض ودخلت غرفة العمليات الجراحية ولكن من اعتاد على حمل الهموم ينسى نفسه فى زحمة الحياة التى لا ترحم.
مع كل صباح احد كنت اتلقف من البائع جريدة أخبار الأدب وأول صفحة كنت أتصفحها التى بها عامودك "نقطة عبور" كانت نقطة عبور ورجاء فى الوصول إلى الأفضل عبور من الظلمة إلى النور كنت تحمل هموم الدنيا على كتفيك وأنت المريض الذى يتصارع مع المرض والذى فى حاجة إلى راحة ولكن هذا هو الإنسان الروائى والكاتب الكبير الأستاذ جمال الغيطانى فى رحلته على أرض الشقاء التى لا ترحم . ألف رحمة للصديق الحميم الذى دعانى لمقر الجريدة لزيارته الزيارة التى لم تتم فقد عبر صاحب نقطة عبور عبورا نهائيا ولكن للسماء . الف رحمة له فى ذكرى وفاته الثانية .