إن الأخلاق هى الأساس فى حياة البشرية بكافة أجناسها وأطيافها ودياناتها ومللها منذ ظهور الإنسان على وجه الأرض، فقد قال تعالى فى محكم كتابه مخاطبا نبيه الكريم : (وإنك لعلى خلق عظيم ) وقال الرسول عليه الصلاة والسلام : ( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ) - وجاء فى إنجيل متى قول المسيح عليه السلام : ( هذه هى وصيتى أن تحبوا بعضكم بعضا كما أحببتكم )، وقال أيضا : ( لتكن محبتكم بعضكم لبعض شديدة لأن المحبة تستر كثرة من الخطايا ) - وكتبت كافة الديانات، الكثير عن فضائل الأخلاق ومكانتها كبنية أساسية لبناء الدول وحضارات الشعوب .
لقد وصلت كارثة انهيار الأخلاق فى مجتمعنا إلى حالة لم يعد السكوت عليها سوى نذير بانهيار كامل للدولة – ويعود السبب الرئيس فى هذه المهزلة إلى أمور كثيرة منها : انهيار التعليم وغياب البحث العلمى والبعد عن العلوم الشرعية ومفاهيم الدين الصحيحة والاستماع إلى الفتاوى التى يطلقها الجهلاء وعدم الالتفات إلى أسس العلاقات الأسرية وحب الوطن والمواطنة الحقيقية وانهيار المؤسسات الخاصة بالتنشئة الاجتماعية وعلى رأسها الأسرة والرعاية للطفولة واليتامى وكبار السن واختفاء الدور الحقيقى للوالدين والمكابرة بحل كل المشكلات الصحية والاقتصادية والاجتماعية على طريقة أقوال ووعود دون أفعال حقيقية على طريقة ( كله تمام وأوامركم الخاصة بالغد تنفذ أول أمس .. يا أفندم ) !!
إن ما يفعله غالبية شبابنا اليوم ما هو إلا ردة فعل انتقامية وتمرد على واقعه نتيجة لإهمال ولا مبالاة وعدم احترام لاقاه هؤلاء الشباب على مدى عقود من الزمن وشجعهم عليه الفضائيات والإنترنت وانعدام الرقابة الأسرية فأصبحوا جيلا هشا ضعيفا أسيرا للغرب ولوسائل إعلامه ولا يملك قراره بنفسه وإنما ابتلى بالتقليد الأعمى ففقد وعيه حتى إن القدوة العلمية أو الأدبية التى كان يكافح شبابنا فى الماضى للبحث عنها زالت تماما وأصبحت قدوة اليوم لديهم نجوم الرياضة وأصحاب الأغانى الهابطة فقط !!
الحل الوحيد والسريع والمضمون لتفادى سقوط الدولة – لا قدر الله – يتلخص فى نظرة فعلية عملية من الحكومة ومجلس النواب وتشكيل لجان من العلماء والخبراء لعلاج كل مشكلة بذاتها، فالتفكك الأخلاقى لا يمكن مواجهته أمنيا لأن أجهزة الأمن لاتتعامل مع ثقافات الشعوب المختلفة ولكنها تتعامل فقط مع أى سلوك منحرف، فمتى نشهد الحملة القومية لاعادة الأخلاق إلى مكانتها السابقة ومشاركة الجميع من أجل أم الدنيا مصرنا الغالية .