يوسف إسحق يكتب : الخير غير المشروط

إذا أردنا أن نصل إلى حالة من الرقى الاجتماعى، لابد أن نعالج أنفسنا اولا من حالة الترقب التى تعترينا والتى تصل أحياناً إلى حد الفضول لمعرفة اختلافات الآخر قبل اى شىء بغرض التصنيف !!!، خاصة إن أقدمنا على عمل الخير، لنحدد بعدها من سوف نقوم نحوه بذلك الدور الايجابى، هذا يستحق وذلك مرفوض، لقناعات وايمانات وخلافات واختلافات راسخة فى اذهاننا، وننصب أنفسنا حكاما وجلادين، وننفى عنا صفة الانصاف والعدل، ونختلس حقا ليس لنا أن نعمل به !! أن كان البعد الطبيعى أن نقدم يد العون لمن نعرفهم فالبعد الاسمى والأرقى أن نقدم مثيل ذلك الفعل لمن لا نعلم عنهم شيئا اذا اقتضى الأمر، او لم يقتض، اذا طُلب منا، او أقدمنا عليه، ذلك هو السلوك الإنسانى الخّير، فالإنسان وُلد بفطرته خير. هل اختبرت أن تقدم خدمة لشخص لا تعلم عنه اى شىء سوى كونه انسان فقط ؟، دون اى اعتبارات اخرى، دينية آو اجتماعية آو ثقافية او مهنية او اى اختلاف آخر ؟ هل كررت تلك التجربة وانت مازالت تجهل كينونة هذا الشخص ؟، انه لشعور رائع حقاً، شعور مفرح لا يوصف أن تجعل روحك تسير فى مسارها الصحيح التى خلقت عليه، وتقودك معها للسمو، دون إجبارها فى مسار وضعته لها وتسخرها لاهوائك وأفكارك لتجتذبها معك للدنو، فان كان مقدراً لك أجراً نظير ما قدمته لاشخاص تعرفهم، فجزائك سيكون اعظم وسعادتك اكبر اذا قدمت مثله لشخص لا يمت لك بصلة، وتُلقى بخبزك على وجه المياه ولا تنتظر جزاء ولا شكوراً، فبينما انت تعطى، فأنت تأخذ ولكن فى زمن مؤجل، او فى زمن آخر . ما تقدمه من خير لأشخاص لا تربطك بهم اى علاقة هو ما يصنع السلام على الارض ويفشيه، فما تقدمه هو بدافع الحب، والحب هو ما يجعل الانسان يبحث جاهداً عن ارضية مشتركة مع من يختلف معه لخلق مساحة من السلام . تلك الحالة التى تعمل فيها على وأد الانانية وحب الذات، لتعمل مع الآخر و تحيا معه، وذلك هو بعد آخر للرقى، الذى لن يصل اليه الا من طرح عنه كل تطرف وضغينة وعنف وطائفية وأنانية ومخاوف ومالت قلوبهم نحو الانسانية فقط، وتركوا فطرتهم الخيرة هى التى تقودهم، والتى تحولت للأسف من سلوك انسانى، إلى سلوك عدوانى والذى يبدأ اولى مراحله بالتصنيف . ان كانت الأُطر الاجتماعية تغيرت، فمنا من يفترض حسن النية إلى أن يثبت العكس، ومنا من يفترض سوء النية إلى أن يثبت العكس، ومنا من يتوخى الحذر حرصاً منه على سلامته فى كل علاقة، ومنا من لا يعير الأمر اهتماماً أصلاً ويترك النهايات للظروف، رحلتك مع البشر ستكتشف فيها انواع كثيرة من العلاقات وانواع اكثر من الحب، ولكن يبقى الحب الغير مشروط والذى لا يخضع لأى تصنيف هو اسمى معانى الحب .



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;