نعيش فى زماننا هذا وقد أصبح يتسم بمفردات لم نكن لنحلم أن نراها أو حتى نسمع عنها حتى أن هذه المفردات حينما كانت تصاغ من نسج الخيال لتخيفنا ونحن صغارا عندما نعترض أو نتذمر على شىء ما، فكنا نخرس ولا يخرج لنا صوتاً خشية أن تتحقق بمجرد محاولة الاقتراب من مجرد تخيلها كأمنا الغولة وأبو رجل مسلوخة وهكذا.
اليوم أصبحت هذه القصص من الهزليات التى لا يتوقف عندها طفل لا يتجاوز عمره سنوات قلائل لأن الحقيقة أصبحت أغرب من هذه الخيالات وأبشع منها بمراحل حتى تبلد الإحساس وتحجرت القلوب وتم استخدام الدموع لغير أغراضها ودوافعها الحقيقية وافتقرنا إلى أدنى درجات الرحمة والتراحم من كثرة ما اعتادت عيوننا على رؤية المستحيلات واقعاً أمامها كل صباح ومساء وأصبح الشاذ فينا هو من لم يعتريه هذه المفردات وتلكم السمات فمازال يضحك من قلبه ويزرف الدمع من جوف عيونه بإذن من قلب يعتصر أو مازال يشعر ويتألم ويرفق بالصغير ويحنو عليه ويرحم الكبير ويأخذ بيده.
هذا الإنسان أصبح مادة خصبة للسخرية لأنه يغرد خارج السرب.. أصبح عملة نادرة أن وجد وجد معه الاستهزاء والاستغراب وأحيانا الاستهجان وأحيانا كثيرة بوصفه بما ليس فيه من خصال التمثيل والمثالية والنرجسية وخلافه.
هذا الواقع المؤلم للأسف افقدنا خصوصيتنا البشرية التى اختصنا الله بها دوناً عن باقى مخلوقاته وجعلنا خلفاء له فى أرضه وأمرنا بإعمارها بالرحمة والمودة والتعارف والألفة والتراحم لا أن يقتل الأب ابنه ويقتل الرجل أخاه ولا أن تتخلص الأم من رضيعها ولا يدفن الولد أمه حية.هذه السمات التى يأنف منها الحيوانات بحكم الغريزة. ويعود الإنسان إلى طبيعته التى جبل عليها كخليفة لله فى أرضه وحاملاً للأمانة التى عزفت بقية مخلوقات الله عز وجل عن حملها وكما أمرنا جميع أنبياء الله سبحانه وتعالى حتى يعود الخير وتعمه البركة ويأنس الإنسان إلى نفسه أولا وقبل أن يأنس إلى أخيه الإنسان.