لم تكد تهدأ نار الحرب التى أشعل فتيلها تيمور السبكى والتى أطل علينا بها فى إحدى القنوات الفضائية مجرحا فى نساء الصعيد طاعنا فى شرفهم وعفتهم زوراً وبهتاناً، ومثيراً لحفيظة أهلنا فى محافظات الصعيد عامة، والتى انهالت عليه تهديدا ووعيدا جراء ما طال نساءهم من تصريحات ملفقة مزعومة يتطاير شررها عاليا ليأكل الأخضر واليابس.
فخرجت علينا إحدى المذيعات وعلى مرأى ومسمعٍ من مشاهدى الفضائيات فى الداخل والخارج لتعرى ما بقى من كرامة المصريين، وتنهش ما تبقى من شرفهم باتهام صريح، وبعبارات تكسوها نبرة اليقين الذى يقطع الشك معلنة وحسب إحصائيات لا نعرف من أين أتت بمصدرها وكأنه من وحى خيالها بأن نسبة الخيانة الزوجية بين المصريات تصل إلى 40% من إجمالى النساء، وكالعادة لم نلحظ أى امتعاض أو شجب من طاقم البرنامج من المذيعين أو المعدين أو أصحاب القناة نفسها، وكأن شرف المصريات وكرامتهن، أصبحت سلعة رخيصة تروج لكل باحث عن الشهرة، وكل طالب للتلميع، هل أصبحت القنوات الفضائية المصرية، معول هدم وتجريح وتشهير يُحمل للقضاء على قيمنا وعاداتنا وتقاليدنا الأصيلة إلى هذا الحد، وهل أصبحت هذه المنابر الإعلامية تفتح أبوابها لكل من هب ودب ليبث سمومه ويروج إشاعاته هكذا وبكل سهولة، دون رقيب أو حسيب، وهل خلت الساحة من الموضوعات الجديرة بأن تسخر لها الفضائيات وقتها وامكانياتها لمناقشتها وإيجاد ما يناسبها من الحلول، وهل أصبح الشرف المصرى وسيلة للتكسب والرزق وغرض يشترى بثمن بخس، إن منابر الإعلام الحر والمحترم، والذى تكفله الدولة وتفسح له المجال بكل نزاهة وشفافية، ما جعلت تتناول هذه الأمور الشائكة، وإن الدعاية الكاذبة التى يصدرها البعض – غير مسؤول – ويروج لها دون رقيب أو حسيب لا تمثل لا من قريب ولا من بعيد الإنسان المصرى عامه والمرأة المصرية بصفة خاصة، فالمرأة المصرية هى الأم والزوجة والأخت والابنة، هى صانعة الرجال، وحاضنة الأبطال، شريكة البناء، ورفيقة العطاء، ربت فأحسنت التربية، قدمت أروع الأمثلة منذ بزوغ فجر الحضارة القديمة، أروع الأمثلة فى كل شىء فهى حاكمة، مشرعة، وطبيبة، ووزيرة، ومدرسة، ومربية، هى الوعاء النقى الطاهر الذى حمل البذرة التى أخرجت لمصر والعالم أطيب الثمر، ويكفى المصريات فخراً، وعزاً وشرفاً، أن سيدنا محمد "ص" كانت جدته "هاجر" مصرية، وأم ولده ماريه مصرية، ويكفى المصريات فخراً أن ماء زمزم تفجر إكراماً لامرأة مصرية، ويكفى المصريات فخراً أن أم سيدنا موسى - عليه السلام- مصرية، وأن آسية امرأة فرعون مصرية التى قال الله تعالى عنها(( وضرب الله مثلاً للذين ءامنوا امرأة فرعون)).، ويكفى المصريات فخراً أن المرأة الصالحة ماشطة ابنه فرعون كانت مصرية التى قال عنها رسول الله "ص" لما كانت الليلة التى اسرى بى فيها أتت علىَّ رائحة طيبة قلت: يا جبريل ما هذه الرائحة قال: هذه رائحة ماشطة ابنه فرعون وأبنائها.
وقال الشافعى "من لم يتزوج بمصرية لم يكمل إحسانه".
ونحن نتساءل من المسؤول عن هذا اللغط الإعلامي، ومن الرابح من تشويه صورة مصر فى نسائها، ومن وراء هذه الحملات الشرسة.
إن واجبنا جميعاً يقتضى الوقوف بالمرصاد لمثل هذه التشويهات، وأن يكون لمؤسسات الدولة المعنية وأجهزتها الرقابية وقفة صارمة، للحد من تزيف الأخلاق الذى لا تحمد عقباه.