للكلمة شأن عظيم، وقوة أعظم، بدونها لا نستطيع أن نملك نواصى الأفكار والمشاعر، مُضحكة ومُبكية! تُقض مضجعك حيناً، وتجعلك تنام قرير العين حيناً آخر، لها القدرة أن تُبحر بك لعوالم لم يبلغها أحد من قبل، هى العمود الفقرى للتواصل، حروفها تحتاج للتذوق اولاً، وللحذر ثانياً وثالثاً وعاشراً
لذلك لا عجب فى الشعر حيث إن كلماته قد كُتبت بتأنٍ شديد وروية، وصُفت بنسق مترابط ومُعبر، فإذا تمهلنا فى كلامنا لنطقنا شعراً، ولكن وآسفاه ... أغلبنا لمندفعون وأنا بمعيتهم.
يتساوى قدر الكلمة مع قدر قائلها، فإذا نطق بالحكمة والصدق حلت عليه كرامة الكلمة ومهابتها، وإذا نطق سفهاً انقلبت عليه تلك الكرامة وحطت من قدره وقدر من يسمعها ومن يُثنى على هذا السفه، ولا سيما أن كان مجلسهم قد فرت منه مهابة الكلمة ورقيها.
فى دراسة للكاتب "جان ديدييه فانسان" يقول فيها، منذ تعلم الطفل تمتماته الأولى إلى أن يلفظ أنفاسه الاخيرة، يتفوه الإنسان بملايين الكلمات، مئة وأربعة وثمانون مليون وثمانِ مئة الف كلمة كمعدل وسطى لما ينطقه الانسان !!!، لمن كان متوسط أعمارهم سبعون عاماً، فضلاً عن الكلمات التى يُخاطر بها المرء نفسه، كمٌ هائل من الكلمات لا تسعها آلاف المجلدات إن دُونت، الكلمة لها زمنٌ لا يتغير وسرعة ثابتة، فالكلمة الطيبة لا تُغير سرعتها كونها خفيفة، والكلمة الخبيثة أيضا رغم ما تحتويه من ثقل ستصل فى موعدها، ولكن مردودهما متغير !!!، فهناك كلمة تُعجِل بالشفاء، واُخرى تُسرع للقتل .
كلمة تنطلق لتشجع، وكلمة تركض لتحطم، كلمة طيبة تثلج الصدر، وكلمة خبيثة تنخُر فى العظام، كلمة تُشعر من يسمعها بالطمأنينة والحنو، وكلمة تُضرم بالقلب نار الخوف والذعر، الكلمة عالم مُتسع وبحر لا ينضب، فلسفة متكاملة، كلمة قادرة على أن تجمع شتيتين حتى وإن عزٓ تلاقيهم، وكلمة واحدة كفيلة أن تنهى كل شىء، كلمة تنساب فى نفسك كترياق شافٍ، وأخرى تنفذ كسهم مسموم فى كبِد من يسمعها، هى سلاح، لها القدرة أن تقتل، ولها المقدرة على أن تحيى أيضا، الكلمة ملكة وصاحبة جلالة فى بلاط عظيم
الكلمة قيد، فكل ما تكتُبه وتؤمن به وتنشره مُلزم بتنفيذه، وإلا صرت أجوفا مُدعيا، ولسوف تسقط مصداقيتك سريعاً.
الكلمة قرينة الفعل، قد يكون فعل حسِن او فعل سيىء، والفعلين جريرة الكلمة !!
الكلمة كرامة، سوف تستمد القسط الأكبر من كرامتك من خلالها، فهى ما تحدد جزء كبيراً من شخصيتك كما قال سقراط " تكلم لكى أراك"
الكلمة، لباقة وكياسة وذوق، وهى من ضمن السُبل القصيرة للإقناع، شريطة أن يكون سامعكُ له القدرة على الاستيعاب بالمنطق، وليس بالجدل والسفسطة.
الكلمة أمانة فكثيرون ذهبوا للهاوية جراء تعليم خاطىء واخذوا معهم شعوباً عريضة .
الكلمة نور، اذ أن كل منا له دستور يستقى منه ما استطاع سراجا لطريقه، خالدة ومقدسة هى الكلمة، فكل نص هَذب النفس خالد، وكل نص ارتقى بالإنسان له قدسيته الخاصة .