لقد امتاز النبى صلى الله عليه وسلم بقلب يفيض بالرحمة وينبض بالحنان وحب الخير للعالمين فكان يعامل بالرحمة الكبير والصغير بل يعامل بالرحمة المؤمن والمشرك، وأن سيرته العطرة لتحمل من حسن خلقه وطيب معاملته ورقة قلبه ونبل عاطفته الشىء الكثير.
لقد كان يرحم الصغار يعطف عليهم فيجلسهم فى حجره ويداعبهم كما قال ذلك يوسف بن عبد الله بن سلام .
ومن ذلك: أنه صلى الله عليه وسلم كأن يصلى بالناس وهو قرير عين بالصلاة يحب أن يطيل فيها فاذا سمع بكاء الصبى وأمه تصلى مع الناس تجوز فى صلاته رحمة به وبأمه.
ولقد كان عليه الصلاة والسلام رحيماً بالمؤمنين حتى فى وعظه وتوجيهاته، يقول ابن مسعود رضى الله عنه "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخولنا بالموعظة خشية السامة".
وإذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم رحيما بالناس جميعا فهو بأهله أرحم.
لقد كان مع أزواجه مثلاً أعلى فى الرقة وجميل العطف والحنان وحسن المعاشرة بل لقد جعل حسن معاشرة الزوجة ميزانا لأفضلية المسلم وزيادة فى قربه من ربه.
يقول صلى الله عليه وسلم "أكمل المؤمنين إيماناً، أحسنهم خلقاً، وخياركم خيركم لنسائه"، وفى حديث آخر "خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلى "وكأن كثيراً ما يحتمل نساءه ويصبر على ما قد يبدر منهن رحمة بهن وتطبيقا لقول الله تعالى "وعاشروهن بالمعروف".
يقول العقاد رحمه الله لم يجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم من هيبة النبوة سداً منيعاً بينه وبين نسائه بل أنسهن بكرم معاملته وإيناسه ورفقه أنسهن أنهن يخاطبن رسول الله صلى الله عليه وسلم فكانت منهم من تقول له أمام أبيها: تكلم يا رسول الله ولا تقل إلا حقاً.ومنهن من تجترئ عليه فتغاضبه سحابة النهار.
لقد كان صلى الله عليه وسلم يشارك أزواجه فى خدمة البيت رحمة بهن ومساعدة لهن وحتى يتأسى به المسلمون فى الرفق بالزوجات ، وكأن صلى الله عليه وسلم هاشاً باشاً يدخل السرور على أهل بيته ويأذن لهن أن يلعبن بالمباح.
تقول عائشة رضى الله عنها: "كنت ألعب بالبنات - يعنى بالصور على هيئة بنات - وكانت صويحباتى يجئن فيلعبن معى فإذا رأين رسول الله انقمعن- أى اختبأن خلف الستر أدباً وحياء - فكان رسول الله فيسربهن إلى فيلعبن معى .
وكان صلى الله عليه وسلم حاله فى الغضب لا يقل كرماً وصفحاً وعفواً عن حاله فى السرور ، فهذه الرحمة قطرة من فيض خلقه العظيم .
خلق أرق من النسيم ورحمة
عمت يشيد بذكرها الرحماء
وعليك من شرف الأمانة حلة
ومن السكينة والوقار رداء
كملت شمائلك التى فى وصفها
يحلو الحديث ويعذب الاصغاء
أرجو به عز الشفاعة يوم لا
يغنى الفتى مال ولا أبناء
صلوات الله وسلامه عليك يا رسول الله وعلى آلك وأصحابك أجمعين