جميل أن يتخذ الإنسان لنفسه مثلا أعلى وقدوة فى الحياة، ويُحاول أن يسير على نهجه، ويتقلد به، ولكن هذا الأمر لابد ألا يكون على إطلاقه، فقبل أن نُقلد أحدًا أو نُحاول مُحاكاته، علينا أولا أن نعرف إمكانياتنا وإمكانياته، فربما لا يُمكننا أن نكون مثله؛ لأننا لا نملك أدواته، ومن الأحرى أن كل إنسان يُفكر أن يسلك طريق شخص آخر، أن يفكر أولا إذا كان بإمكانه أن يسير على ذات النهج أم لا ، فإن تتخذ شخصًا مثلا أعلى، فهو أمر لا غبار فيه، ولكن أن تُقلده فى كل خطوة يخطوها، فهذا هو ما يستحق التفكير فيه ألف مرة ؛ لان هذه الخطوات قد تناسب أحد الأشخاص ، ولا تناسب غيره ، علاوة على أنه لابد أن يكون لكل إنسان أسلوبه ونهجه، وإلا سيتحول إلى ببغاء ، يُقلد دون أن يعى أو يُدرك ماذا يقول .
وهذا يُذكرنى بأرنب صغير ، رأى نسرًا مسترخٍ فى الغابة على غصن شجرة باسقة، فقال الأرنب للنسر: "هل أستطيع أن أفعل مثلك، وأجلس باسترخاء دون عمل؟" فأجاب النسر: "بالطبع يا عزيزى الأرنب"، فاستلقى الأرنب على الأرض، وأغمض عينيه فى خمول، ناسيًا الدنيا وما فيها، فمرَّ ثعلب فى المكان، وما أن شاهد الأرنب مُمتدًا، حتى وثب عليه والتهمه.
فمن قال أن إمكانيات الأرنب مُتماثلة مع إمكانيات النسر، فهل هو يستطيع الطيران عند الشعور بالخطر؟ فحُلمه بالراحة والاسترخاء مثل النسر أمر طبيعي، ولكن الأسلوب كان هو الذى يحتاج إلى تفكير، فكُلنا يُمكننا أن نحْلُم بذات الحُلْم، ونسعى لذات الهدف، ولكن كل منا لابد أن يستخدم أسلوبًا وطريقة تتماشى مع إمكانياته، وإلا سيتحول الحْلُم إلى مصيدة كبيرة، ونتحول نحن إلى فريسة يلتهمها الصياد.