المرأة .. ذلك الكائن الإنسانى والمخلوق الجميل الذى كرمه الله ورفع من شأنه .. فأوجد فيه أكثر من صفة .. فهى الأم والأخت والزوجة والابنة والعمة والخالة .. هى العاطفة الرقيقة والحنان .. هى أم البشر .. هى صانعة الرجال، والحياة كلها لا تستقيم إلا بوجودها وبمشاركتها الفعالة فى بناء المجتمع جنبا إلى جنب مع الرجل ككيان إنسانى مستقل غير تابع .. ونهى الخالق إهانتها أو الحط من قدرها .
وعلى الرغم من التكريم الربانى للمرأة إلا أن الموروثات الثقافية قد ظلمتها على مر العصور حيث وضعت المرأة فى حيز الجسد ومقاييسه ومفاتنه فى جميع دول العالم وخاصة دول الغرب التى جعلت من المرأة مجرد جسد جميل يجب الاستمتاع به .. وما يدعيه الغرب من مساواة الرجل بالمرأة مجرد وهم وقوانين لا علاقة لها بما فى عقولهم .. فالمرأة عندهم للمتعة !.. وخير دليل على ذلك الإرث الكبير من التماثيل واللوحات للمرأة العارية التى تمتلئ بها متاحف فرنسا والمتاحف المفتوحة فى روما !.. وحتى فى مجتمعاتنا العربية لم تسلم المرأة من العادات والتقاليد والموروثات العقيمة الظالمة لإنسانيتها .. فالنظر إليها محصور أيضا فى جسدها بما يخالف شرع الله الذى فردها بالتكريم !
ومازالت تتعرض المرأة فى وقتنا الحاضر إلى الظلم والجور على إنسانيتها .. فالنظرة إليها مازالت محصورة فى جسدها دون النظر إلى عقلها كعنصر يمثل نصف المجتمع .. فالثقافة السائدة تعتبر المرأة مجرد مقايييس جسدية حسب نظرة الرجل ورغباته دون الشعور بنظرتها إلى نفسها !
إن معظم الفنون فى العصر الحالى امتدادا للعصور القديمة .. فالعنصر النسائى فى الأعمال الفنية أغلبه عنصر جذب للإغواء متمثلا فى الرسومات التى تكشف جسدها .. وما أكثر الفنون التى تجعل من المرأة عنصر جسدى مبهر يجذب المشاهدين سواء بالملابس العارية أو الضيقة التى تكشف مفاتنها أو بالرقص فى بعض الأعمال الفنية بملابس عارية لإظهار المناطق المثيرة فى جسدها لإثارة الرجل وإغواءه .. والأغانى والإعلانات المصورة لا تخلو من المرأة الجسد !.. وحتى فى الروايات والقصص تمثل المرأة العنصر الإغوائى حيث يذهب الخيال المريض للكتاب إلى وصف المرأة جسديا بأدق التفاصيل كأنها منبع الغواية !.. هذا إلى جانب عروض الأزياء التى تعتمد فى المقام الأول على محاسن المرأة !
وحقيقة الأمر أن هوية المرأة تقع على عاتق المرأة نفسها .!. حيث إنها تؤكد ثقافة الجسد والنظرة الموجهة إليها .. فالكثير من النساء ينحصر اهتمامهن الأكبر بالمظهر فى الثياب العارية والضيقة أو الملفتة للنظر , والبهرجة فى الزينة خارج بيوتهن !.. فقد تناسوا أن التشريع الربانى منصف وعادل ومنطقى .. فقد أمرهم الله بالملابس المتحشمة تكريما وصونا وعفافا لهن .. فالخالق سبحانه أراد لهن السترة والخير بالمحافظة على كرامتهن وحمياتهن من نظرات الشهوات والفتن ، وليس السترة فى الملبس فحسب ، بل السترة أيضا فى العفاف الداخلى أيضا .. فكيف لامرأة أن تقبل النظر إليها كجسد بالتفنن والمبالغة فى إظهار مفاتنها ، والهوس فى عمليات التجميل ، وبعدها تشتكى من ملاحقة الرجال لها والتحرش بها !.. فسترة الجسد تقلل الفتن والكوارث الاجتماعية !
ليس مطلوبا من المرأة أن تخلع ثوب الأنوثة أو أن تهمل فى نفسها .. لكن يجب أن يكون فى إطار ما حدده الله .. فالمرأة باستطاعتها أن تفرض نفسها على المجتمع باحترام أنوثتها وطبيعتها كأم وزوجة لها عقل وثقافة ووعى , ودور فعال فى المجتمع كإنسانة كى تستعيد هويتها !