المراهقة هى مرحلة تضارب المشاعر لدى الإنسان سواء كانت فى بداية الانتقال من مرحلة الطفولة الى مرحلة الشباب فى منتصف العقد الثانى من العمر، أو كانت فى مرحلة الانتقال من مرحلة الشباب المتأخرة الى مرحلة الكهولة من نهاية العقد الرابع وما تليه من سنوات، وهى ما يطلق عليها مراهقة الأربعين.
مراهقة الأربعين تأتى دوما عند بداية سن اليأس للنساء، وتأتى عند فتور همة الشباب وضياع صحتهم، وبالتالى فهى ليست قاصرة على فئة معينة من أنواع الجنس البشرى ولكن كيف يتم التعامل معها، نحن أمام نوعين ذكر وأنثى، الذكر لديه رخصة شرعية بالزواج حتى أربعة عند توافر شروط معينة موجودة فى تعاليم الأديان السماوية وفى كتب الفقة والمذاهب فسرتها، والأنثى لديها خيار الخلع عند توافر شروط معينه، وتعنت الزوج فى منحها حق الطلاق عند استحالة العشرة بينهما .
بعد فترة العناء فى البحث عن لقمة العيش وتربية الأبناء وزواجهم وانصرافهم الى حياتهم الخاصة هنا يبدأ الشريكين فى العلاقه الزوجية التدبر فى حياتهما الخاصة وما مر بها من منعطفات وتغيرات صادفتهما وهنا تتنوع الأنماط البشرية فى كيفية التعامل مع هذه التحديات وهناك نسبة ليست بالصغيرة فيها يبدأ الشريكان محاولة التأقلم مع الواقع الجديد تحت العديد من الدوافع والاعتبارات منها :-
1ـ العشرة أو ما يقال عنها فترة العلاقة الزوجية والتى تصل ربما الى عشرين عاما وأكثر، وليس من السهل زعزعتها وحدوث أى تصدعات أو تشققات فيها .
2ـ الأبناء وهما ثمرة تلك العلاقة الزوجية ومعظمهم يكون فى مرحلة المراهقة أيضا أو بدايتها. وهنا يخشى الوالدان من تأثير أى قرارات طائشة تؤدى الى نتائج سلبية على حياتها .
3ـ نظرة المجتمع إلى العلاقة بين الزوجين وضرورة استمرارها وأنه من العيب القضاء عليها والانفصال بين الشريكين وربما تناولت ظاهرة المجتمع ونظرته إلى العلاقات الزوجية فى أكثر من مقال عند بداياتى فى الكتابة، ومنها سيف الحياء واموات على قيد الحياة، وقد تم توثيقهم فعليا فى باكورة أعمالى كتاب نبضات مغترب الصادر عن دار الكتب المصرية فى عام 2015 وتم المشاركة به فى معرض القاهرة الدولى للكتاب، وقد تناولت فيه نظرة المجتمعات الى العلاقات الزوجية .
وهناك شريحة ايضاً فى المجتمعات لديها القدرة على مواجهة العالم واتخاذ قرارات حاسمة مهما كانت العواقب، وتكون عرضة للانتقادات من المجتمع المحيط وتصف النوعين بأنهما تميزا بالأنانية وحب الذات وإغفال مصالح الأبناء و و و .. إلخ.
وهؤلاء ترسخت فى أعماقهم قناعة بأنه لن يثنيه أحد عن القرار الذى سيقدم عليه بالدخول فى علاقات اجتماعية جديدة أو ممارسة نشاط معين لا يتناسب مع المرحلة العمرية، وقد يتم النظر اليه بنظرة اشمئزاز وسخرية ونبذ من المجتمعات بل حتى الأبناء .
الرجل والمرأة على حد سواء وصلا لمرحلة من القناعة بعدم الاستمرارية الروتينية وربما كان فى مخيلاتهم استمرار العلاقة الزوجية حتى يتخرج الأبناء أو يتزوجوا أو تتوفر الثروة الكافية للزواج من الثانية وعند فراغ البيت وانصراف الأبناء الى حياتهم الخاصة تبدأ مرحلة البحث عن الذات فى النفس البشرية للشريكين .
ذات العوامل التى ذكرتها سابقا عند الحديث عن النوع الأول وهى الأبناء ونظرة المجتمع والعشرة تكون شاخصة أيضا وحاضرة فى ذهن الشريكين، لكن أصبحت القناعة لدى هذه الشريحة لا تراجع ولا رضوخ مهما كانت الأثمان ومهما كانت التكاليف، ومهما كانت الخسائر .
ربما فى هذا المقال لن أسير فى اتجاه معين وأعيش دور الناصح الأمين فلكل حالة من الحالات السابقة ظروفها الخاصة ولا يعلم ما يدور فوق الأسرة وخلف الجدران إلا أصحابها .
لكن يبقى القول بأن أعمال العقل والقلب واللجوء الى الرحمن فى صلوات الاستخارات هو المعيار وطوق النجاة من مراحل المراهقات العمرية المختلفة.