لا تنزعج يا صديقى فلن أطلب منك الجهاد وإعداد عدة الحرب فهذا ليس فى قاموسك الوقتى فأنت واهن يا أخى كما وصفك رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) حيث قال ( يوشك أن تتداعى عليكم الأمم كما تتداعى القصعة إلى أكلتها. قالوا أمن قلة نحن يومئذ يا رسول الله ؟ قال بل كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل فقد نزع الله مهابتكم من قلوب أعدائكم وبث فى قلوبكم الوهن. قالوا وما الوهن يا رسول الله ؟ قال حب الدنيا وكراهية الموت ) أو كما قال صلى الله عليه وسلم وهو حديث صحيح صدقت يا سيدى وكأنك بين ظهرانينا الآن تراقب أمتك التى أصابها الوهن فهى لا تقوى حتى على مجرد الكلام أو الاعتراض بصوت عال .
لا تنزعج يا صديقى فلن تترك الثريد والعبيد ، والعطر الفواح والنساء الملاح والليالى التى تقيمها حتى الصباح ، فالمسجد الأقصى له طبيعة خاصة على مدار التاريخ ومن يعارض قولى عليه أن يجتر تاريخه المجيد فهذا الأقصى الذى شرفه ربه بأن يكون أولى القبلتين وثانى مسجد بنى بعد بيت الله الحرام وهو أيضا ثالث الحرمين الشريفين ، ومسرى رسوله الكريم ، لكنه ذو طبيعة خاصة كما ذكرت فهو يذهب بالتفريط فى حق الله وهو ( عبادته حق العبادة ) ويعود بتقوى الله عز وجل وتخلص الأمة من الهوى والزيغ الذى يصيبها عندما تجعل الدنيا كل همها .
نعم يا صديقى المسجد الأقصى لا يأتى بالقوة بل يأتى بالتقوى ، فماذا أعددت له بعدما وعد ( ترامب ) بأن تكون القدس عاصمة للكيان السرطانى أو كما يسميه البعض ( الصهيونى ) ؟ ( بلفور جديد ) بعد مائة عام من الوعد الأول هل قاومت هذا القرار الذى يتنافى مع المواثيق الدولية التى لا تطبق إلا على الضعفاء هل قاومته بالبكاء والعويل ؟ أم بالتهليل والتطبيل ؟ أم أنك من مجاهدى ( الفيس بوك ) الذين يقيمون الدنيا ولا يقعدونها وهم يلتحفون الأغطية حتى يتقى شر البرودة قبل أن تتسرب لجسده المنهك من السهر وتعاطى حبيبات الهلوسة التى تطيل شروده الذهنى لتجعل منه فارسا بلا جواد ولا سيف .
نعم يا صديقى لن نعيد الأقصى الأسير بموائد الثريد التى تضج بلحوم ( القعدان ) و( الخرفان ) فى الوقت الذى تعانى فيه أمة الإسلام من ضيق العيش فمن يأكل نصف الخروف ثم يشاهد إخوانه من مسلمى ( الروهنجا) فى التلفاز وهم يذبحون ويقتلون ويبحثون عن لقمة الخبز فى صناديق القمامة وهو ينظر لهم فى بلاهة ثم يطلق فمه بالتعجب ثم يقلب القنوات حتى يصادف ما يناسبه من قنوات ( الفرفشة ) مثل هذا وغيره ومن على شاكلته لن يعيدوا الأقصى .
نعم يا صديقى لن نعيد الأقصى ونحن نترك الاستثمار مع الله والتجارة التى لا تبور ثم نذهب بالمليارات لنضعها تحت تصرف أعداء الدين ليحاربونا بريعها ويفرضون علينا حروب وهمية من صناعتهم ليقاتل بعضنا بعضا فهم يعرفون أن عزنا فى ديننا وهو مصدر قوتنا الوحيد فإذا تركناه واتجهنا للدنيا كنا أضعف وأهون عليهم لذلك هم يدركون أهمية أن يجعلونا نتنافس على الدنيا وكراسى السلطة الزائلة والتاريخ يعيد نفسه فلم نكتف بتجربة الأندلس التى تكاد أن تتكرر فصولها الآن فهم يصنعون الأعداء والسلاح أيضا لتبقى مشغولا وتستمر فى ضعفك ووهنك .
يا صديقى سوف يعود الأقصى كما وعدنا رب العالمين حيث يقول ( بعثنا عليكم عبادا لنا أُلى بأسٍ شديد ) أى من يعبدون الله حق العبادة وليس مسلمى البطاقة فقط ، سوف يعود الأقصى عندما نعرف ديننا وسماحته ولم نشوهه ونجعله مرتبط أمام العالم بالإرهاب ، عندما نحسن خلقنا ونتقى ربنا ونعرف حقوقه علينا التى أضعناها فأضعنا الأقصى بل وأضعنا ديننا الحنيف وتركنا نهج رسولنا الكريم ( صلى الله عليه وسلم ) الذى قال ( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ) ثم نأتى نحن لنشوه الإسلام وقيمه الراسخة ثم نطالب بتحرير الأقصى بالهتافات المدوية والمظاهرات الموجهة .