خالد زهير يكتب: من التعليم للتَعَلُمْ

مع اختلاف الأفكار السياسية والفكرية يكاد يتفق أغلب الناس على أن التعليم هو ركيزة المستقبل ولا أمل فى أى تقدم بدون تعليم جيد، وأنا لا أرى هذه المقولة سوى مقولة متخلفة زمنيا (أى لم تعد صالحة) والأسوأ أنها لا تقال كحل واقعى، وإنما تقال كحل مستحيل لمصر أى لا حل ! والأصح أن التَعَلُمْ هو ركيزة المستقبل .

إذا اختلف مع هذه المقولة لسببين: الأول أنها متخلفة زمنيا وهذا لا علاقة له بمصر والثانى أنها حل مستحيل فى مصر كما نعرف كلنا ولكننا نجيد تلك التمثيلية، تمثيلية اللاحل فلنرضى واقعيا بما هو موجود ونحلم بأى سراب جميل فى منامنا وصحيانا. لن أتكلم كثيرا عن"إصلاح العملية التعليمية" فى مصر أو عن عدم واقعية هذا فى المنظور القريب. وأرجو أن أكون مخطئا وأن التعليم سينصلح فى مصر قريبا، وإلى أن يأتى هذا لنتكلم عن السبب الآخر، التعليم حل متخلف زمنيا، ومعنى أنه متخلفا أى أنه كان صالحا كحل يوما ما، أما الآن فقد يكون حل من الماضى فاقدا للصلاحية وما نحتاجه هو حل من المستقبل. فلننظر للتعليم فى الدول الآخرى، سنجد أن التعليم قد عانى فى دول آخرى بما فيها الدول المتقدمة، وبسبب تلك المعاناة تطور التعليم باستمرار وأخذ يتحول تدريجيا من تعليم إلى تَعَلُمْ، فمع الوقت أصبحت لشهادات البكالوريا تخصصات علمية وأدبية، ثم تخصصت أكثر داخل كل قسم، فأصبح للمتعلم رأى واختيار فيما يتعلمه، وفى الجامعة بعد أن كان المتعلم يتعلم فى الجامعة فقط، أصبح لزاما عليه أن يمضى بعض الوقت فى العمل الحقيقى فى شركة ما.

أما المؤسسات التعليمية فأهمها المدرسة والجامعة، فما هى الجامعة وهل مازلنا بحاجة إليها؟ بدأنا بالحاجة للذهاب لمعلم لنأخذ منه العلم القيم، ثم تطورت الأمور لفكرة تجميع العلماء فى مكان ما (الجامعة) ويذهب إليهم الناس من كل مكان لتلقى العلم ثم العودة لمزاولة المهنة التى تعلموها، وتعتمد هذه النظرية على فرضية أن سرعة العلم والتكنولوجيا أبطأ من عمر الإنسان، فما ستتعلمه ستستخدمه طوال حياتك، فالطبيب يتعلم الطب الذى سيستخدمه طوال حياته وسيستخدم نفس الأدوات التى تدرب عليها فى الجامعة، وهنا يكون التلقين أفضل أسلوب للتعليم. ومع تسارع العلم والتكنولوجيا تطور التعليم من تلقين لعلم بعينه إلى تنمية المهارات وخصوصا مهارة اكتساب العلم أو التَعلُمْ المستدام، حيث أصبحنا كل فى مجاله، نحتاج أن نتعلم كثيرا بعد التعليم الرسمى (الجامعى مثلا) ونكاد نستعمل 10% فقط مما تعلمناه فى مراحل التعليم المختلفة. مرة آخرى أنا لا أتكلم عن مصر، أتكلم عن التعليم فى كل دول العالم.

أنا لا أدعو لإلغاء التعليم، ولا أدعو لإلغاء الجامعة، وإنما أدعو لتوجيه اهتمامنا للتَعْلم الذى يبدأ منذ الولادة ولا ينتهى إلا بانتهاء حياتنا، أدعو أن نسبق العالم فى فصل التعليم عن التَعلُمْ، ونركز اهتمامنا عليه كحل من المستقبل من التعليم للتَعْلم .




الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;