تثيرنى ذكريات الحى القديم ، فأهبّ كل فترة لزيارة شوارعه وأزقته، طقسا أداوم عليه منذ هجرتى بعيدا عنه. بالأمس آثرت الذهاب إليه سيرا بعد منتصف الليل تصحبنى نفسى وبضعة ذكريات حميمة تربطنى بالمكان والأهل والجيران .
على مشارف الحى، قابلت أحدهم لم أتبيّنه فى عتمة الليل، قلت لنفسى: علّه أحد أبناء الحى آتى مرحّبا كعادة أهل المكان قديما، فمدت له يدى بالسلام ، حرارة اللقاء طغت على ألمُّ سكن جانبى الأيمن فجأة، خلته من أثر السير أو انقباضات الفؤاد بتأثير عاطفة جياشة, لكن زاد الألم فوق طاقتى فنظرت فإذا بسكين حادة ينغرز سنّها بجانبى حتى كاد يخترق اللحم، لم تستمر دهشتى طويلا فقد تتبعت السكين لليد التى تمسكها فوجدتها يد الشاب، بان وجهه بتضاريسه المخيفة وسمعت صوتا أقرب لنقيق ضفدع : " طلّع اللى معاك يا خفيف ".