ماتت الفرحة، وجدوا جثتها ممزقة فى شوارعنا القديمة البسيطة، التى لا تزورها الشمس، ويلثم الهواء نوافذها الضيقة من بعيد، ثم يهرب، كما هرب الناس من حول جثة فرحتى، واضعين أكفهم على أنوفهم. أنا لم أهرب، ولم أضع يدى على أنفى، بل اقتربت منها، وملت عليها فى هدوء، وسحبت شهيقًا طويلًا، وشممت أطيب رائحة. ورأيتها، وهى ساكنة فى سلام، ترفع يديها، مرفرفة كعصفور الشمس، ويهدل فى فرح، وهى تحلق بعيدًا فى جوف كون صافى فسيح .
كانت الفرحه قبل أيام منهمكة فى ترتيب أشيائها، أخرجت عرائسها وأدواتها وكتبها التى تحتفظ بها، ورصتها متتابعة. وضعت فوق كتب كل سنة دراسية لعبة من لعبها هكذا وجدت أشياءها، وقالت: تبدلت الفرحه وسأغير إسمى الحزن ام المر تغير اللون للاسود عرفت الاسم الاسود فى خانه الاسود
ربما جلست تحدق فى مرايا الرجفة، محاولة أن ترتب الأحداث فى رأسها، بلا جدوى، وربما تزاحمت الأشياء عليها، وجاءت من قلب الزمن البعيد متبعثرة، ولم تتمكن من أن توزعها على خانات الشهور والأيام و نسيت أن اسمها الفرحة ورحل صانع البهجة أضراريا.