هاتفنى صديق منذ فترة، ودعانى للاشتراك فى فرقة موسيقية تعزف ألحانا مميزة تطرب لها الآذان ويستحسنها الكبار.
لست أحسن العزف، بل الحق لا أملك أذنا موسيقية كما يقولون.
لم تعجبه الطرفة، قال والجدّ يرتسم على وجهه: يكفى أن تلتزم بالعزف معنا، دع الباقى على قائد الفرقة وهو شخص أريب وفنان بحق.
وافقت على مضض، لم أنم ليلة العرض الأول لأرق أصابنى خشية الفشل على الملأ، ثم لُمت نفسى لانصياعى دون مقاومة للصديق وعرضه، أخذنى عقلى يمينا ويسارا ما بين استحسانا للفكرة ورفضا لها، حتى غلبنى نوم، ثم صحوت قبيل الحفل بقليل على هاتف يدق جرسه مصّرا على إيقاظى وقد فعل، لأجد الصديق اللحوح يسألنى: أين أنت ؟ فادعيت أنى فى طريقى، دقائق قليلة وسأصل.
جلست بين العازفين، فى مكان يتصدر العرض، يطل على الحضور، أناس أعرف بعضهم وتبدو على سيماهم دلائل العز والسطوة، ثم أمسكت بآلتى الموسيقية، لم أرها من قبل، فاقشعرّ جسدى لملمسها، وأجفلت برؤية نظرة نارية تنبعث من عين الصديق وكان يجلس عن يمينى وبيده " طبلة " كبيرة الحجم يضع بداخلها لمبة كهربية كبيرة مضاءة وتنبعث منها حرارة غريبة ويتحسس جلدها الخارجى برفق كما لو كان يلمس يد حبيبته.
بدأ العزف وهالنى أن الجميع يعزفون نغمة واحدة وأدهشنى أن أيديهم لا تتحرك فعليا على أوتار آلاتهم الموسيقية، ومع هذا ينبعث اللحن شجيا فأمالت رؤوس الحضور طربا.
اندفعت بكل حمية للعزف وتذكّرت مقولة الصديق: ليس مهما أن تجيد العزف فقط أتبع بعينيك يد قائد الفرقة، ففعلت حتى تاهت معالم الطريق.