إذا كنت ممن ينشغلون بمتابعة مواقع التواصل الإجتماعى والسوشيال ميديا والكثير منا يهتم ، ويقضى الأوقات العريضة فى ذلك إن لم يكن جميعنا يفعل .فأنت بصدد عدة أمور أصورها بشخص يمضى قدماً فى طريق، الطريق فى بستان يتوسط حديقة مثمرة
ولكن ثمارها تختلط ما بين ثمرة يانعة، جميلة المنظر حلوة المذاق .
وأخرى تبدو كذلك ولكنها مُرة أو فاسدة من الداخل وبعض الثمار تظهر لك بوضوح أنها عطبة وليست جيدة ، وتختلف مدى رؤيتك لتلك الثمار وكيفية تقيمك لها إن كانت جيدة أو لا. لذا عليك أن تحذر فتلك الحديقة السحرية قد كُتب على أبوابها من الخارج أن من يدخلها ويقتطف من ثمارها لابد أن يتقن الإختيار فتلك ثمار سحرية وكل ثمرة تقتطفها تزرعها فى نفس الوقت ولكنها تبقى معك .
فيخرج مكانها مئات الثمار من نفس النوع لتظهر بدورها لكل من يمضى خلفك ،
وتلك الثمار السحرية ثقيلة جداً ويوضع لك بثقلها الأعداد والموازين فى ميزانك ذو الكفتين الخير والشر .
ذلك الميزان الذى يظل قائماً وتستمر كفتيه فى الامتلاء حتى بعد خروجك من الحديقة وذلك بفعل كل من يمضى خلفك ليستزيد من الثمار فيتأثر بدوره بالنفع أو بالضرر بل أن من يمضى خلفك سيجد من يمضى خلفه وتظل الكفتان فى الامتلاء لأجل بعيد .
تلك الصورة أصورها لكم لآخذكم إلى واقع أشد .
فبالفعل لكل منا ميزانه عند ربه وتظل كفتاه فى الامتلاء بالحسنات والسيئات حتى بعد خروجك من موقع التواصل الإجتماعى ( الفيس بوك) وذلك بفعل ما قمت به من منشورات وتفاعلات .
ولكل منا مئات الأصدقاء والمتابعين على تلك المواقع والأصدقاء لهم أصدقاء وهكذا دائرة لا تنتهى ..فيظل ميزانك فى الإمتلاء حتى وإن كنت نائما .
حقيقة إن الأمر فى غاية الخطورة فقد تنتشر أخلاق مثل الجهر بالمعصية ، السخرية والتهكم ،الكذب والنفاق ، وغيرها ..
إن الفكرة التى تدور فى أذهان البعض ممن يقرأ الآن أن يستثنى نفسه من التطبع بتلك الصفات المذمومة ولكن للأسف فأغلبنا يفعل.
وقد يقول قائل: ولكنى لا أجهر بالمعصية قط
وهنا أعطى مثالا :
إذا كنت ممن لا ينشرون الصور المحرمة وهى كثيرة ومتدرجة وأقلها الصور الشخصية ، فبمجرد ضغطك إعجاب لأحدهم فعل فقد نشرت .وتكون بالفعل قد شاركت فى هذا الأمر، يقول نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم " كل أمتى معافى إلا المجاهرين وإن من المجاهرة أن يعمل العبد بالليل عملاً ثم يصبح قد ستره الله فيقول: يا فلان ! قد عملت البارحة كذا وكذا وقد بات يستره ربه ويصبح يكشف ستر الله عنه "
وهذا تماما مايحدث الآن فإن بدا لك فى هذا الحال أنك لا تصبح لتكشف الستر وتجهر بالمعصية من جديد فإن ما تركته على تلك المواقع أمام الناس يبقى ، ويظل قائما ليتحقق الكشف لهذا الستر يوما تلو الآخر .
وإذا تناولنا مشكلة أخرى مثل السخرية والتهكم هنا أود أن أشير تحديداً إلى السخرية والحديث عن الشخصيات العامة فنجد معظمنا يتحدث ولا حرج وكأن المتحدَث عنه كونه شخصية عامة أو معروفة صارت من المباح الغيبة بل أن الحقيقة أنه إنسان ،وسيأتى يوم القيامة ليُحاجَّك .
هل تصورت نفسك يوم القيامة وقد أتاك عدد مهول من الممثلين والمذيعين و…. و….. ليأخذوا من حسناتك !
أى إفلاس هذا ؟
فلننتبه فما أكثر الفيديوهات المحملة بالمواقف والأحداث التى قد تحتوى على مادة ساخرة
وما أيسر من ان يقوم البعض بالمشاركة والضحك والنشر ولكن عندها لابد أن يكون على إستعداد لدخول وادى الويل فى جهنم فهو وادٍ خاص لكل همزة لمزة والهمز واللمز هى إشارات بسيطة فما بالنا بما يحدث الآن !
ثم نأتى إلى الكذب سيجتمع الكثير على أنه بالفعل لا يكذب ولكن إذا سمعت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم " كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما يسمع " رواه مسلم
لوجدت أنك لابد لك ان تتحرى الدقة قبل أن تنشر وتتأكد من صحة الأخبار والمعلومات قبل أن تتناقلها ، وهذا شأن المنافقين قديما عندما كانوا يتناقلون الأخبار سريعاً عن جيوش المسلمين إن كانت عادت بالنصر أو بالهزيمة فنزلت فى شأنهم الآية الكريمة
بسم الله الرحمن الرحيم" وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولى الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا "
وبالفعل هناك جهات ما .. تتعمد نشر الأحاديث والمعلومات الخاطئه ولذا وجب علينا التأكد من صحة المعلومة قبل النشر وحتى لا نقع فى حفرة الكذب دون أن ندري
ويقول سبحانه " يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين "صدق الله العظيم
وما أعظمه إثماً أن تصيبوا قوماً بجهالة !
لقد جعل الله سبحانه وتعالى لكل شيئ حداً حتى تستقيم الحياة بما يحقق النفع والصلاح للعباد فقال سبحانه فى خصوص النساء "محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان " النساء٢٥" كما قال أيضاً فى خصوص الرجال " محصنين غير مسافحين ولا متخذى أخدان " المائدة ٥"
وفى الآيات _ بوضوح شديد جدا _ ينهانا الله سبحانه وتعالى عن وجود صداقة بين الرجل والمرأة فوجّه ندائه مرة للنساء بألا يتخذن أخدان ووجّه ندائه مرة للرجال بألا يتخذو أخدان
ومن المرعب أن الطلب الذى يرسل إليك أحيانا عبر المواقع يسمى " بطلب صداقة " وسوف تسجله الملائكة فى كتابك هكذا "طلب صداقه " كما ستسجل قائمة الأصدقاء ،
فهل سننجو جميعا محررين من هذا الشأن أو لا ؟
إن عالم التواصل الآن ملئ بالحفر والألغام شديدة الخطورة وخطورتها أنها مستترة وراء ما يسمى بالعادى ولكنها مهلكة إلى حد كبير وفيه أيضا ما وراء العادى بكثير من تواصل أكثر إنحرافا ولكنك تدرك مدى الخطأ هنا بينما ما أردت الإشارة إليه هو ما يغفل عنه البعض أو ما يسميه البعض الآخر بالعادى بينما هو عكس ذلك .
فقبل أن تحرك إصبعك بالضغط أى ضغطة عليك أن تجعل رادار الحق فى قلبك يظهر لك الآية الكريمة وكأنها نصب عينيك، " ويحسبونه هيناً وهو عند الله عظيم "
إن آفة زماننا أن قد اتسعت الدائرة فقد كان الآثم قديماَ غالباً ما يتحمل إثمه وحده ولكن الآن فعليه وزره ووزر من عمل به وهذا هو الغالب الآن .
ولا أنكر حقيقة _ من وجهة أخرى _ فى هذا الشأن وهى أن مكيال الحسنات قد يصبح أثقل وأعطى مثالاً قرأته :جميعنا يعلم أن من صلى على النبى "عليه الصلاة والسلام " صلى الله عليه بها عشراً وهنا إذا قرأ غيرك و صلى على النبى صلى الله عليه بها عشراً فأخذت أنت ثواب العشر التى أهديتها لغيرك دون أن ينقص من أجره شيئا ،وغيرك أهداها لغيره فتأخذ أجره أيضاً وهكذا لن تستطيع حساب أجرها .
وجدير بالذكر تيسير المعلومات الصحيحة والأحاديث وكل ما ينفع الناس وسهولة الدعوة إلى الله والتواصى بالحق والتواصى بالصبر فمن أى الثمار تحب أن تستزيد ، ومن أى الجواهر يروق لك أن تقتنى .