رأى عصفور يقف وحيدا على فرع شجرة عالية تناطح السحاب , إنسانا فهمس لنفسه : ما أسعد هذا الرجل , يفعل ما يشاء , يملك قراره فيرفض حينما يريد الرفض يُقبل حينما يميل عقله وفؤاده , ما أشد بؤسى بقدرتى لا تتجاوز وزن ريشى وانتفض غاضبا ثم وضع منقاره بين جناحيه مستسلما .
كان الرجل يسير متلفّتا فى كل اتجاه كهارب من ثأر لدم وقع برقبته , توقف ورنا ببصره عاليا . للعصفور فوجده يرفرف بجناحيه ,يزقزق بمنقاره بصوت حسبه شدوا .
وضع يديه بجيوبه محدّثا نفسه: ما أسعد هذا العصفور الصغير, لا يحمل للدنيا همّا , يملك أن يرى العالم من أعلى , لا يحدّه قيد , يملك أمر نفسه إن شاء طار أو حط , ثم أطرق برأسه وقال: ما أشقانى , بائس أنا ليتنى كنت عصفورا.
ثم تنهّد وأنصرف عائدا من حيث لا يدرى , بينما أنطلق العصفور يضرب الهواء بجناحيه وقد ضاقت الدنيا فى نظره على اتساعها يلفّه أحساس عميق بظلم بيّن كحبل غليظ لمشنقة يلتف حول رقبته.