أسرار القاهرة.. كفاح العمال على شاشة السينما المصرية

تعتبر السينما المصرية تعتبر مرآة صادقة لحال المجتمع وما يواجهه من مشكلات وأزمات، فقد حظيت فئة العمال باهتمام كبيربداية من المؤلف وكاتب السيناريو والمنتج والمخرج، لما تجسده شخصية العامل المصرى بكونها أيقونة الاقتصاد الأول للبلاد، فالأمر لم يكن وليس اللحظة بل كان فى بدايات طريق السينما حتى وان قابلته العقبات إلا أن المشوار امتد للنهايات وضمن سلسلةأسرار القاهرةنسلط الضور على الأعمال السينمائية التى تناولت مشاكل العامل المصرى وصورت طريق الكفاح المزين بورود الإخلاص فى العمل. فيلم الورشة اللافت للانتباه أن أول فيلم يتعرض لأحوال العمال كان (الورشة)، وقد عرض فى 28 نوفمبر عام 1940، أى بعد 17 سنة على عرض أول فيلم مصرى، وترتيبه رقم (117) فى تاريخ إنتاج وعرض الأفلام فى مصر وفقا لما ذكره المؤرخ والناقد السينمائى الكبير الأستاذ محمود قاسم فى موسوعته المهمة (دليل الأفلام فى القرن العشرين). الفيلم إخراج استيفان روستى، وبطولة عزيزة أمير ومحمود ذوالفقار وأنور وجدي. ورغم أن الفيلم مرّ على أحوال ورشة صغيرة، وليس مصنعا كبيرا، إلا أن له السبق فى أن يرى الجمهور العامل على الشاشة للمرة الأولى مرتيدًا الأفرول ويكدح ويعرق وهو يصلح السيارات المعطلة. أما فيلملو كنت غنى الذى حققه المخرج بركات، وعرض فى 26 نوفمبر 1942، فيناقش بخفة ظل قضية الغنى والفقر، أو كما قال بطل الفيلم بشارة واكيم فى حواره مع يحيى شاهين أن العالم منقسم إلى طبقتين: أغنياء وفقراء، وفى الفيلم أيضا يشكو عامل المطبعة عبدالفتاح القصرى من غلاء المعيشة (اللحم ارتفع سعره من أربعة قروش للرطل، ووصل إلى ثمانية)، ويطالب صاحب المطبعة أن يزيد راتبه، لكنه يتلقى الرفض والمعاملة الخشنة وإن كان الفيلم يروج لأفكار مشبوهة ملخصها أن الفقر شيء جميل، وأن الثراء لعنة تجلب الفساد السلوكى وترسخ الأخلاق السيئة، السينما هنا تلعب دورا مهما فى تزييف وعى الجمهور وتدفعه إلى أن يرضى بفقره ويحبه، لأن الغالبية العظمى من هذا الجمهور كانوا من الفقراء فى ذلك الزمن الذى كان يشهد حربا عالمية ثانية (تعداد مصر عام 1942 بلغ 16 مليون نسمة تقريبا وفقا لما ذكرة المؤرخ المصرى جمال حمدان فى عبقرية المكان قراءة فى موسوعة شخصية مصر. فيلم ابن الحداد فى 19 أكتوبر 1944 يقدم يوسف وهبى فيلم (ابن الحداد) من تأليفه وإخراجه وبطولته مع مديحة يسرى وفؤاد شفيق وعلوية جميل، وكعادة الرائد المسرحى الكبير يحتشد الفيلم بعبارات ضخمة تمتدح العامل المصرى ومهارته وصبره وتواضعه وتفوقه على الأجانب، من خلال يوسف وهبى ابن الحداد الذى سافر إلى أوروبا وتعلم فى جامعاتها، وعاد إلى الحارة ليطور ورشة الحدادة الخاصة بأبيه، ويحولها إلى مصنع كبير، حيث شاهدنا العمال وهم منهمكون فى تعلم تشغيل الآلات الجديدة (المستوردة من أوروبا)، وكيف يحنو عليهم ويرعاهم صاحب المصنع الطيب الذى هو يوسف وهبى نفسه. فى الجانب الآخر يفضح الفيلم تفاهة الطبقة الأرستقراطية وبذخها وكسلها، بعد أن تزوج ابن الحداد من ابنة هذه الطبقة الفاسدة (الملعونة)، وفى النهاية يعطى بطل الفيلم دروسا لأفراد هذه الطبقة فى كيفية التعامل مع الحياة بجدية، وأن العمل شرف يجب أن يحترم، ولا يخفى عليك الرسالة الخفية التى يطرحها الفيلم، وهى الرضا بالفقر، لأن الثراء مرادف للفساد والخليعة! لعل فيلم(المرأة)هو الفيلم المصرى الوحيد الذى صورت مناظره الخارجية (بمصانع الزجاج الأهلية/ محمد سيد ياسين بك) كما كتب فى المقدمة، وزاد صانعو الفيلم بأن كتبوا عقب المقدمة هذه الفقرة الدالة (تدور حوادث هذه القصة فى جو الصناعات المصرية المزدهرة، وقد تفضل الصانع المصرى الكبير محمد سيد ياسين بك فسمح لنا بتصوير بعض مشاهد القصة فى مصانعه بشركة الزجاج الأهلية. وقد أمدنا بجميع التسهيلات التى يسرت لنا إخراج القصة، فلعزته نتوجه بأجمل عبارات الشكر). الفيلم عرض فى 25 يوليو 1949، وأخرجه عبدالفتاح حسن، وتقمص الشخصيات الرئيسة كل من المطربة أحلام وكمال الشناوى وومحمود السباع وسميحة توفيق ومارى منيب، ورغم أننا شهدنا بعض اللقطات داخل المصنع إلا أن قصة الفيلم تدور حول صراع شقيقين (واحد طيب، والآخر شرير) من أجل الاستحواذ على قلب فتاة، وكالعادة ينتصر الطيب ويفوز بها، وهكذا ضاعت فرصة لنرى كيف حال العمال ومشكلاتهم وطموحاتهم وآلامهم. أما فيلم(الأسطى حسن)الذى أنجزه صلاح أبوسيف وعرض فى 26 يونيو 1952، أى قبل ثورة يوليو بشهر تقريبا، فلم يختلف عن إدانة الأثرياء الذى يقضون حياتهم فى تناول الخمر ولعب القمار، بينما الفقراء ومعهم عمال الورشة طيبون ومتكاتفون، وأنت رأيت كيف أن بطل الفيلم العامل فريد شوقى الذى كان ناقما على فقره كارها للحكمة القائلة (القناعة كنز لا يفنى) عاد بعد تجربة تعيسة مع المرأة (الثرية) نادما على هجره للحارة! بشكل عام يمكن أن نعلن بثقة أن الأفلام التى مرّت على الطبقة العاملة، اتفقت فى معظمها على أن صاحب المصنع رجل طيب، خاصة إذا كان هو بطل الفيلم، وأنه يراعى حقوق العمال الذين لا يكابدون أى مشكلات فى العمل عنده، وسأذكرك ببعض الأفلام التى تؤكد كلامى، خذ عندك (ارحم دموعي/ 1954) للمخرج بركات وتمثيل فاتن حمامة ويحيى شاهين وشكرى سرحان ورشدى أباظة، والذى أعاد تقديمه حسن الإمام عام 1972 باسم (حب وكبرياء) مستعينا بنجلاء فتحى ومحمود ياسين وحسين فهمى وسمير صبري. وفى فيلم (عائلة زيزي/ 1963) للمخرج فطين عبدالوهاب، نطالع المصنع المغلق فى يوم الإجازة، لكننا نتابع صبر صاحب المصنع الطيب المغلوب على أمره من أجل عيون خطيب ابنته الفنان الفذ فؤاد المهندس العبقرى الذى سبخترع (مكنة تطلع قماش)!. قد يكون أحمد مظهر فى فيلم(النظارة السوداء/ 1963)لحسام الدين مصطفى أحد الذين دافعوا عن حقوق العمال، بوصفه مهندسا مثقفا، ضد جشع وظلم أصحاب المصانع الذين حاولوا رشوته وإبعاده عن قضايا العمال.














































الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;