أصدر البنك المركزي تعليمات مشددة اليوم، للبنوك العاملة في السوق المحلية بتوجيه حصيلتها اليومية من العملة الأجنبية لتغطية متطلبات استيراد الأدوية والمستلزمات الطبية، حتي نهاية الأسبوع.
التعليمات تضمنت توجيه جميع موارد البنوك من العملة الصعبة وخاصة الدولار الأميركي من أجل تغطية طلبات شركات الأدوية وخاصة بعد إزدياد شكاوي هذه الشركات العاملة من ضعف مخزون الأدوية المستوردة لديها.
البعض يرى أن شكاوى شركات الأدوية من قلة مخزون تلك المستوردة لديها، ربما تكون ذريعة للضعط على وزارة الصحة، من أجل تحريك أسعار بعض الأدوية المحلية وزيادتها، لتغطية العجز في الأدوية المستوردة. حيث احتدم الخلاف مؤخراً بين عدد من الشركات المصنعة للدواء داخل البلاد ووزارة الصحة حول أسعار الدواء، وطالبت هذه الشركات برفع الأسعار لتغطية ما تراه خسائر نتيجة لانخفاض سعر الجنيه أمام الدولار، ما أدى الى زياة كلفة استيراد المواد اللازمة لتصنيع منتجاتها.
في المقابل وزارة الصحة تؤكد أن أسعار الأدوية الحالية مناسبة للسوق المحلي وتحقق مكاسب كبيرة خاصة بعد رفعها أسعار عدد كبير من تلك الأدوية.
عدد كبير من الشركات المصنعة للدواء في مصر، طالبت الصحة برفع تسعيرة الدواء التي تضعها الوزارة، مؤكدة أنها تتكبد خسائر فادحة بسبب إرتفاع أسعار الدولار مقابل الجنيه، ناهيك عن ندرته وصعوبة الحصول عليه، وهددت هذه الشركات بإيقاف تصنيع بعض خطوط الإنتاج التي تسبب لها خسارة مادية كبيرة، ما يهدد بإختفاء أنواع كاملة من الأدوية المصنعة محلياً، وربما توقف الشركات نفسها عن العمل والإفلاس جراء الخسائر التي تكبدتها، وبالمحصلة سيكون الخاسر الأكبر هو المواطن البسيط، هذا وفقاً لإعتبارات هذه الشركات.
وزارة الصحة استجابت بشكل أو بآخر لطلبات شركات الأدوية برفع أسعار مجموعة من الأدوية، فيما تعتزم زيادة أسعار تلك التي تقل عن عشرة جنيهات.
إجراءات حال اتخاذها، من جانب وزارة الصحة، ستصيب بحسب محللين كثر، قطاع عريض من المرضى الفقراء بسبب زيادة أسعار سلعة ضرورية، تمثل إحدى سلع الأمن القومي، وهو ما سيؤدي إلى اضرابات سياسية متوقعة حال عدم قيام الدولة بتوفير الدعم لهذه الأدوية وليس رفع أسعارها.
خطوة البنك المركزي القاضية بتوفير الدولار للشركات المصنعة للدواء من خلال توجيه حصيلة البنوك اليومية من العملة الأجنبية لتغطية متطلبات استيراد الأدوية والمستلزمات الطبية، جاءت متزامنة مع خطوة قام بها البنك الأهلي بفتح حسابات مجانية للمصريين في الخارج لتحويل العملة الصعبة دون حد أقصى وبدون عمولات. لكن ماذا سيحدث حال عدم تمكن البنوك من توفير السيولة الكافية للإستيراد المواد المستخدمة في تصنيع الدواء المحلي؟ سيتوقف حينها تصنيع أكثر من 500 نوع من الأدوية الرخيصة التي يحتاجها عدد كبير من المرضى الفقراء، وهو ما ستسخدمه الشركات المصنعة كورقة ضغط لزيادة أسعار هذه الأدوية أكثر من مرة لمضاعفة أرباحها، ووزارة الصحة ستستجيب لهذه الضغوط من أجل توفير الأدوية المحلية، دون تقديم دعم مادي لهذه الشركات، لتتمكن من الإستمرار في الإنتاج دون رفع الأسعار، وتكون المحصلة النهائية بالتالي أن المواطن البسيط هو من سيتحمل العبء الأكبر أو الكلي لهذه الزيادة في أسعار الأدوية، لتكون نتيجة المعادلة الصفرية، أن الخاسر الأكبر وربما الوحيد هو المواطن.