قال الدكتور عمرو خالد، الداعية الإسلامى، إن النبى صلى الله عليه وسلم عالج المشكلات الزوجية، وعلى رأسها عدم الإنجاب، الذى قد يكون سببًا فى هدم البيوت، ضاربًا المثل بالسيدة عائشة، التى لم تنجب من النبى، وعاشت بعد وفاته 40 سنة، وتابع: "النبى واجه الأمر بفكرة الأسرة الكافلة الأسرة البديلة، بأن قامت بتربية ابن شقيقتها أسماء عروة، كما قامت بتربية شقيقها الأصغر عبدالله بن أبى بكر، وقد لقبها سيدنا النبى بأم عبدالله، لم ينزعج من تواجدهما معها، فقد كان يقدر مشاعرها، وصار عروة أكبر فقهاء المسلمين".
وأضاف عمرو خالد فى الحلقة الثانية عشر من برنامجه الرمضانى "السيرة حياة"، أن "النبى وجه السيدة عائشة للعلم والتعلم، ليفرغ جزءًا من طاقتها، فصارت أفقه نساء المسلمين، وروت ووحدها عن النبى 2500 حديث، وصارت أمًا للمؤمنين كلهم، تعلمهم دينهم، يقول أبو موسى الأشعري: "كنا إذا استشكل علينا أمر من أمور الإسلام رجعنا للسيدة عائشة فوجدنا عندها منه علمًا"،وتابع: "كما أعطاها النبى مساحات للحضور الاجتماعى، من خلال زيارة النساء والانفتاح المجتمعى.
وأشار الداعية الإسلامى إلى أن ذلك لا ينفى حدوث أزمات، إذ انتشر فى المدينة أن النبى يحب السيدة عائشة، فمن أراد أن يهديه كان يهديه فى يومها، الأمر الذى أثار غيرة الزوجات الأخريات، وتابع:"النبى عالج مشكلة الانشغال عن زوجاته، ومن ذلك أنه "فى يوم عيد كان الأحباش يلعبون فى المسجد بالحراب، فأرادت السيدة عائشة أن تتفرج، تقول: فوضعت خدى على كتف رسول الله، وكلما سألها: أشبعتِ تقول لا.. والله لقد مللت ولكن أردت أن أعرف مكانتى عنده".
وقال: "كان يخرج معها كل أسبوع لمدة نصف ساعة خارج المدينة ويسابقها. كان يطبق قاعدة مداواة قلة الوقت بزيادة جودته، ابحث عما يسعد أهلك وكرره، فلما أعطاها حقها قدرت انشغاله، يقول لها: دعينى أقوم لربى ساعة، تقول له: أحب قربك وأؤثر هواك، تقول: أصلى”.
وأبرز عمرو خالد مثلاً على إنسانية النبى مع زوجته مارية عند وفاة ابنهما إبراهيم، إذ "كانت من فرط حزنها تقول: من يطعمك يا ولدى الآن؟، فيرد عليها أن له مرضعة فى الجنة، تقول: أين أنت يا ولدى الآن؟، فيرد عليها: يرى مكانه فى الجنة، تقول: ما فرشك يا ولدى الآن؟ فيرد: يفرش له من الجنة، تقول: ما أضيق قبرك يا ولدى، فيقول لها: يفتح له بابًا إلى الجنة فيرى قصورها وأنهارها."
وأوضح الداعية الإسلامى أن "نساء النبى اشتكين يومًا من قلة من ضيق النفقة، واجتمعن على ذلك، وضغطن عليه مرة واثنين وثلاث، لما رأينه من كثرة المال وزيادة الغنائم، فأثقلن على النبى، جمعهن وقال لهن: أنا وضعى كذا ولا أقدر على كذا، أدار حوارًا هادئًا معهن، إذ أن الشفافية الأسرية هى أحد مفاتيح حلول المشاكل، لكن لا فائدة، فقرر النبى اعتزل نساءه لمدة شهر فى مزرعة بـ "العوالى”، حتى يعلم كل رجل أنه حين يحتدم الخلاف مع زوجتك أن يبتعد عنها حتى تهدأ الأوضاع".
وذكر أن النبى واجه أزمة الشك والغيرة وسوء الظن، مثلما يحدث من بعض النساء مع أزواجهن. تقول السيدة عائشة: "مَّا كَانَتْ لَيْلَتِى، فَأَخَذَ رِدَاءَهُ رُوَيْدًا، وَانْتَعَلَ رُوَيْدًا، وَفَتَحَ الْبَابَ فَخَرَجَ، ثُمَّ أَجَافَهُ رُوَيْدًا، فَجَعَلْتُ دِرْعِى فِى رَأْسِى، وَاخْتَمَرْتُ، ثُمَّ انْطَلَقْتُ عَلَى إِثْرِهِ، حَتَّى جَاءَ الْبَقِيعَ فَقَامَ، فَأَطَالَ الْقِيَامَ". فقال لها: هل ظننت أنى أظلمك بالذهاب فى ليلتك"، قَالَتْ: مَهْمَا يَكْتُمِ النَّاسُ يَعْلَمْهُ اللهُ، فَإِنَّ جِبْرِيلَ أَتَانِى، وَظَنَنْتُ أن قَدْ رَقَدْتِ، فَكَرِهْتُ أن أُوقِظَكِ، وَخَشِيتُ أن تَسْتَوْحِشِى”.
وعلق خالد: "لم يظهر ضجره، أو يبدى تحفزًا تجاه ما فعلته، سألها عما الذى أتى بها خلفه، ناقش مخاوفها، ليؤكد لها أنها غير صحيحة، لكن هناك رجالًا يفرح لذلك، ويعمل على زيادة قلقها".
وأوضح أن النبى وضع قاعدة فى التعامل مع الشك والغيرة ".مِنْ الْغَيْرَةِ مَا يُحِبُّ اللَّهُ، وَمِنْهَا مَا يَكْرَهُ اللَّهُ، فَأَمَّا مَا يُحِبُّ فَالْغَيْرَةُ فِى الرِّيبَةِ، وَأَمَّا مَا يَكْرَهُ فَالْغَيْرَةُ فِى غَيْرِ رِيبَةٍ"، فهناك غيرة يحبها الله ورسوله، وأخرى يكرهها الله ورسوله".
وقال أن "من الأزمات التى باتت سببًا فى تهديد العلاقات الزوجية، حتى إنها أصبحت سببًا من 70 % من حالات الطلاق، هى مشكلة العلاقات الخاصة، لأنه لا أحد يجرأ فى الحديث عنها، ويتحدث عن أمور أخرى". وشدد على أن "القرآن عمل على حل المشكلة من جذورها، دون تهميش ولا تضخيم"، إذ أن "خولة بنت ثعلبة حصل بينها وبين زوجها أوس بن الصامت أزمة، انفعل عليها وقال لها: أنت على كظهر أمى، فتنزل سورة المجادلة "الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ أن أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِى وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ"، أى لا تحرم أيها الزوج امرأة من حقها أبدًا".
وأشار إلى أن "كان لهذه السيدة قصة مع عمر بن الخطاب، قالت له: يا عمر، عهدتك وأنت تسمى عميرًا فى سوق عكاظ ترعى الضأن بعصاك، فلم تذهب الأيام حتى سميت عمر، ثم لم تذهب الأيام حتى سميت أمير المؤمنين، فاتق الله فى الرعية، فقال الجارود: قد أكثرت أيتها المرأة على أمير المؤمنين، فقال عمر: دعها، أما تعرفها، فهذه خولة بنت حكيم، التى سمع الله قولها من فوق سبع سموات، فعمر والله أحق أن يسمع لها".
وذكر أن "ذلك كان سببًا فى تغيير قواعد التجنيد فى الجيش، مراعاة لاحتياجات المرأة من زوجها، سأل ابنته حفصة: يا بنية كم تصبر المرأة عن زوجها، ردت من أربعة أشهر إلى خمسة أشهر، فأمر ألا يغزو واحد أكثر من 4 أشهر".