قالت شبكة "سى إن إن" الأمريكية، إنه في مطلع عام 2020، انطلقت سفينة الرحلات البحرية العملاقة "كوستا ديليزيوسا"، وعلى متنها حوالي ألفي راكب، من مدينة البندقية الإيطالية متجهة إلى البحر الأدرياتيكي في رحلة حول العالم، حيث كان يأمل ركابها بأن تكون "رحلة العمر" وكان طاقم سفينة "ديليزيوسا" المتمرس، وعلى رأسهم القبطان والبحارة المخضرم نيكولي ألبا، يتطلع إلى رحلة طويلة. وكانوا على علم بأنهم سيعملون بجد لإبقاء الضيوف سعداء بينما تشق السفينة محيطات العالم، ولكنهم لم يتوقعوا أن تكون هذه الرحلة مختلفة إلى هذا الحد عن سابقتها.
وبدلاً من ذلك، مع انتشار جائحة فيروس كورونا، ستبحر سفينة "ديليزيوسا" إلى التاريخ، وعندما انطلقت في رحلتها، كانت السفينة التي يبلغ طولها 965 قدماً من بين آلاف السفن السياحية التي تجوب محيطات العالم. وفي الوقت الذي وصلت فيه "ديليزيوسا" إلى إيطاليا هذا الأسبوع، كانت آخر سفينة سياحية لا تزال في البحر وتحمل أعداداً كبيرة من الركاب.
من جانبهم كشف الركاب الذين أكملوا الرحلة البحرية عن إحساسهم بالإبحار حول الكوكب وسط غرق العالم في أزمة جائحة كورونا، ووسط مخاوف متزايدة من صعود الفيروس على متن السفينة وإلحاق الدمار بمن عليها، حيث إنه في الأسابيع القليلة الأولى، كانت الأمور تسير كالمعتاد. وقضى الضيوف وقتاً ممتعاً خلال الإبحار من برشلونة إلى بربادوس، حيث أشعة الشمس، وبرامج الترفيه على متن السفينة، وتجربة زيارة أماكن جديدة على خريطة العالم.
وكان من بينهم دانا ليندبرج، محللة أعمال متقاعدة من ولاية تكساس والتي كانت تخطط لرحلتها منذ عام 2018. والصحافي المتقاعد كارلوس بايا وزوجته يولاندا. وقرر بايا، وهو من فالنسيا، اغتنام اللحظة والشروع في رحلة بحرية طويلة بعد أن تم تشخصيه بمرض باركنسون، وتوقفت السفينة بعد ذلك في أمريكا الجنوبية والمحيط الهادئ. وقامت ليندبرج بإثراء صفحتها على موقع "فيسبوك" بلقطات عن تماثيل جزيرة القيامة ومقتطفات الحياة على متن السفينة. بينما استمتع كارلوس ويولاندا بايا باستكشاف المركز التاريخي في عاصمة بيرو، ليما وعندما كانت السفينة تبحر في فبراير ، بدأ شبح كورونا بمطاردة الرحلة، وبدأت عناوين الأخبار المقلقة خارج آسيا في زيادة مخاوف الركاب، بما في ذلك خبر الحجر الصحي المثير للجدل لسفينة مليئة بالركاب في اليابان، مما دفع القبطان إلى مراجعة مسار الرحلة لتجنب المنطقة الموبوءة.
في 13 مارس الماضى، قامت الرابطة الدولية لخطوط الرحلات البحرية، وهي الهيئة التي تشرف على معظم شركات الرحلات البحرية الكبرى، بتعليق عملياتها من موانئ الولايات المتحدة، مما أدى إلى بدء سلسلة من عمليات الإسترداد، ما أدى إلى تدافع جميع السفن الترفيهية الكبيرة للعثور على ميناء آمن وإيصال الركاب إلى بر الأمان، ورست السفينة في مدينة "Albany" التاريخية والي تقع في الطرف الجنوبي لأستراليا. بالنسبة لمعظم من كانوا على متنها، كانت آخر تجربة على اليابسة حتى عادوا إلى أوروبا بعد أكثر من شهر.
وبينما كان الركاب يستمتعون بآخر مذاقٍ للحرية، كان قبطان السفينة، نيكولي ألبا، يحاول صياغة خطة من شأنها توجيه سفينته، وركابها وطاقمها، بعيداً عن الخطر، وقال ألبا لـ CNN: "كنت أتوقع تجربة فريدة، ولكنها تجاوزت كل التوقعات"، مضيفاً أنه منذ مغادرتهم، في 5 يناير من البندقية، "تغير العالم بأكمله"، وأشار ألبا إلى أن الوضع كان غريباً، مع إغلاق مختلف الموانئ والبلدان.
ومع وصول السفينة إلى فريمانتل، أستراليا في 16 مارس، قرر ألبا، بالإتفاق مع شركة خطوط الرحلات البحرية "Costa Cruises"، عدم السماح لأي راكب بالخروج من السفينة وجاء القرار الرسمي بأن السفينة ستستمر في رحلتها حول العالم، ولكن بدون التوقف في الموانئ. وكان من المقرر أن تعود السفينة إلى البندقية في 26 أبريل.
وانتشرت الشائعات على متن السفينة عن الموانئ المغلقة والحجر الصحي. وقرر بعض الركاب القلقين حجز رحلات من فريمانتل للعودة إلى الوطن، وبالنسبة للعديد من الركاب، فإن الأسبوعين الأولين بعد مغادرة أستراليا كانا الأصعب. وعرف الجميع أن فترة حضانة الفيروس هي 14 يوماً، مما يعني أنه إذا كان أياً من الركاب قد أصيب بالعدوى فمن المحتمل أن يبدأ في إظهار الأعراض قريباً.