مع الإصرار الإثيوبى على مواصلة التعنت وإفشال أى مفاوضات لحل أزمة سد النهضة، تؤكد مصر أنها ستتخذ خلال الفترة المقبلة ما تراه ملائما لحماية أمنها المائى.
في هذا السياق، قال سامح شكرى، وزير الخارجية، إن كل ما تم تداوله من أطروحات مختلفة بشأن أزمة سد النهضة، كانت دائما تجد رفضا من الجانب الإثيوبي، وصل إلى درجة التنصل للإجراءات التى نشأت على أساسها المفاوضات منذ البداية.
وأكد وزير الخارجية، أن مصر ستتخذ ما تراه ملائما فى الفترة المقبلة لحماية الأمن القومي المائى، ولمنع وقوع ضرر على حصة مصر فى المياه، مشددا: "سنتحرك سياسيا فى كل المسارات فى إطار علاقتنا مع شركائنا الدوليين وكل هذه المراحل بتنسيق وثيق مع أشقائنا فى السودان بسبب وحدة الهدف والمصير".
وأضاف شكرى، فى مداخلة هاتفية لبرنامج "كلمة أخيرة" الذي تقدمه الإعلامية لميس الحديدي، على شاشة ON، أن مصر لم تحاط علما ولم يطرح رئيس الاتحاد الأفريقي خلال الاجتماع اليوم أي مواعيد لاستئناف المفاوضات، متابعا: "مصر كانت حريصة على إعطاء الاتحاد الإفريقي كل الصلاحيات ويكون هو القائد لهذه المسيرة ويستعين بما يراه ملائما بما يدعم هذه الجهود، ولكن كان هناك إعاقة من قبل الجانب الإثيوبي لهذه المفاوضات".
من جانبه كشف الكاتب الصحفى عماد الدين أديب، أن فشل جولة مفاوضات "كينشاسا" الأخيرة يحصر الفرص والمسارات السياسية أمام سيناريوهين أحدهما يحمل الأمل والسيناريو الأخر هو "الكابوس"، حيث إن هذا يعنى أن هذه المفاوضات اعتمدت على فكرة المراوغة والتعنت والإنهاك بالتفاصيل من الجانب الإثيوبى، لكنها تعنى فى ذات الوقت، أنه لا يمكن الاستمرار بذات الفكرة والنهج فى المفاوضات لأسباب تخص إثيوبيا نفسها، حيث تريد أديس آبابا أمرين؛ أولها إهدار كافة الاتفاقيات الدولية الخاصة بأن نهر النيل مجرى مائى دولى يخضع لاتفاقات دولية، حيث ترغب فى تحويل نفسها من فكرة دولة المنبع إلى فكرة البائع الذى لا يبيع فقط الكهرباء بل بيع المياه أيضاً، وهى اتفاقات راسخة منذ العشرينيات ومنذ عام 1959 وصولاً إلى مسار اتفاق المبادئ الموقع فى 2015 قائلاً: ببساطة إثيوبيا عاوزة توزع حصص المياه من أول وجديد".
وأوضح أن إثيوبيا مقبلة على انتخابات داخلية مزمعة فى يوليو القادم بالتزامن مع إقدامها على الملء الثانى، وبالتالى تحاول الترويج لفكرة السد كقضية داخلية لتأييد رئيس الوزراء أبى أحمد الذى يعانى من تأزم وضعه.
وتابع، فى مداخلة عبر برنامج "كلمة أخيرة" الذى تقدمه الإعلامية لميس الحديدى على شاشة "ON"قائلاً: بالنسبة لمسار الأمل "المتاح" فهذا يعنى أن مظلة الاتحاد الإفريقى بعد الجولة الأخيرة قد فشلت فى إحداث خلخلة للأمور العالقة وحلحلتها وتحقيق الاتفاق بين الأطراف الثلاثة، ومن ثم فإن الأمل يولد بأن الملف سينتقل فى حال وجود أمل للتفاوض أن تنتقل لمسار دولى عبر الرباعية الدولية".
وواصل: إذا كانت هناك رغبة حقيقية من قبل الاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة والصين باعتبارها قوة كبرى وشريكة رئيسية فى التنمية لتجنيب المنطقة صراع كبير قد نعرف متى يبدأ لكن لانعرف متى ينتهى؟ فهذا ممكن أن يسهم فى حل.
وأتم: "أما إذا كانت الولايات المتحدة ترغب فى استمرار المشاركة التجميلية الشكلية بينما هى فى حقيقة الأمر منخرطة فى مصالحها وفى مسألة قضية تركيا وإسرائيل، فلن يكون هناك خيار أمام مصر سوى المواجهة"، كاشفاً أن سبل المواجهة بالنسبة لمصر تحمل عدة أشكال خاصة أن هناك مخاطر الشح المائى الذى قد تواجه حياة المصريين والسودانيين بسبب إقدام إثيوبيا على تعنتها واستمراراها فيه، مؤكداً أن وضع حياة الشعبين تحت مقصلة إثيوبيا فى أمر حال وهام مثل قضية نهر النيل يعنى أن الخطر كبير، وحتى لو لم تتوفر الإرادة الحقيقية لإدارة بايدن فتذهب إلى الجحيم أمام هذه التحديات".
وأكمل: "هناك تجارب دولية فى مثل هذه القضايا استطاعت فيه الدول أطراف الصراع أن تتمرد على الإرادة الدولية الباهتة لحل الامور واستطاعوا الانتصار فيها"، مؤكداً أن مصر استطاعت تحقيق ثورة 30 يونيو خارج سياق الإدارة الأمريكية، وكذلك قبلها حرب أكتوبر ولم يكن رغبة دولية فى خوض هذه المعركة ليس ذلك فقط، بل إن مصر والأردن رفضتا صفقة القرن فى عهد ترامب قائلاً: "صحيح أمريكا دولة كبرى ولدينا مصالح معها ولا نرغب فى التناطح معها، لكن أمام قضية نهر النيل لا يمكن التنازل عنها، والمصريون يحاربون من أجلها منذ آلاف السنين، وستبقى خطا أحمر وأمنا قوميا كونها مسألة حياة أو موت".
وكشف أن سيناريو الكابوس يعنى الدخول فى حرب ستكلف كافة الأطراف، وأن الحرب تشمل ثلاثة أنواع بداية من حرب العدوانية أو حرب الدفاع، وثالث الأنواع وهو حرب الضرورة وهو ما تفعله إثيوبيا الآن حين تفرض على مصر والسودان خوض حرب الضرورة، حيث إنه دون خوضها سنكون متخاذلين متماً: "وحاش لله أن تتخاذل مصر ".