قال الشاعر محمود قرنيإن كل نص يفرض شروطه على كاتبه، ولا يمكن لشاعر العمودي أن يكتب نصا خارج الأغراض الشعرية التقليدية، ولا يمكن لشاعر التفعيلة أن يكتب نصا خارج شعارات الوعي القوموي، والذي عظم من قيمة الخطاب الجماعي أو المنبري، مضيفا: "قصيدة النثر باعتقادي تمثل المستقبل وهى الآن تصنع المستقبل، والشعراء بيتعلموا من تجارب سابقيهم".
وأضاف قرني، خلال استضافته ببرنامج "في المساء مع قصواء"، والذي تقدمه الإعلامية قصواء الخلالي، والمذاع على فضائية"CBC"، أن الشاعر أصبح مطالبا بأن يختصر الذاتيات الجماعية والكثيرة في ذات واحده، وليس كنوع من الأنانية، لافتا إلى أن القصيدة هي خطاب الماضي السحيق للمستقبل البعيد، حيث إن الشاعر رعوى بطبيعته، ويميل للتاريخ القديم والسرديات الكبرى بوعيه.
وأكد: "وعيه ليس بالأكاديمي أو المنهجي، وله انطباعات خاصة عن العالم والواقع المتغير، والمعني الشعري متغير أيضا، وارتباط قصيدة النثر بالسياسة لم يكن أبدا ارتباطا مباشرا، ولكنه ارتبط بتحولات كبرى في الفكر الإنساني".
وتابع: "مشكلتنا في العالم العربي أنه ما بعد الحداثة كانت مرتبطة بالفنون أكثر من ارتباطها بالسياسة، وتم سحبها على السياسة لاستخدامها بشكل مغرض، واستجابة قصيدة النثر للخطاب السياسي كانت محدودة، وكان فيه جوه ده سخط عام لم يكن موجها لنظام سياسي ولكنه كان موجها للعالم، ومشكلة قصيدة النثر أنها أعلت من شأن الحقيقية وهي صعبة ومريرة على قيمة الجمال".
وأكد أن الثقافة المصرية عظيمة، وهي من صاغت العقل العربي الحديث، متابعا: "احنا الآن تخلصنا من كابوس كبير وهو جماعات الإسلام السياسي ولكن علينا أن نقدم مشروعا فكريا بديلا، وهناك نصوص وشعراء كثر كتبوا قصائد موزونة، ولكنها لم يعتد بها كشعر على الإطلاق، كألفية أبن مالك وتأخذ شكل الشعر من حيث الوزن والتقفية وهناك شعراء".
وقال الشاعر محمود قرني إن تجربته فى كتابه الشعر بدأت مبكرا قبل ظهور قصيدة النثر بسنوات عدة، حيث يعتبر أحد الشعراء المخضرمين الذين مروا بكل الأشكال الشعرية من الشعر العمودي وشعر التفعيله ثم قصيدة النثر، حيث أن قصيدة النثر ليست وليدة اليوم، ولكنها تخوض حربا كبيرة منذ أوائل تسعينات القرن الماضي.
وأضاف قرني أن الصراع في الشعر شأنه ككل الصراعات الكبيرة، المحافظون فيها دائما ما يدافعون عن عروشهم، لافتا إلى أن كل نص هو تعبير عن زمنه فى الأساس، وفي حال لم يتغير الزمن فمفهوم القيمة لا يتغير.
وتابع: "احنا ليه بنرفض التجديد في حتة ونقبله في حتة تانية، وبندهش عن شاعر بيتكلم عن تجديد الخطاب الديني لكن لما نتكلم عن تجديد الخطاب الثقافي والإبداعي بيكون فيه مشكلة، والموقف من الحداثة لا يتجزأ إذا كنا صادقين ولا بد بدعم الجديد بشروط".
وأوضح أنه كان من أوائل الشعراء ممن كتبوا قصائد النثر في التسعينات ودئب على تطويرها وتحسينها، متابعا: "أنا عندي ديوان التفعيله، ونشرت قصائد عمودية في مجلات كتير، وعندي إحساس بوجود فن التغير على مستوى العالم".