قال الإعلامي والكاتب الصحفي عادل حمودة، إن وسائل الاتصال الجماهيري اُستخدمت كأداة للتأثير في الرأي العام لعدة قرون مضت، لما لها من تأثير كبير على الرأي العام المحلي والعالمي، مشيرا إلى أن الاتصال الجماهيري قد سمح للزعماء والقادة والمبشرين والمفكرين بنشر رسالتهم والتأثير في الشعوب.
وأضاف «حمودة» خلال تقديمه لبرنامجه «واجه الحقيقة»، المذاع على فضائية «القاهرة الإخبارية»، أن الكتيبات جرى استخدمها من أجل نشر الأخبار والمعلومات خلال الثورة الأمريكية، حيث أدى اختراع التلغراف في نشر الأخبار خلال الحروب، حيث إن الاتصال الجماهيري كان دائما جزءا لا يتجزأ من المشهد السياسي.
وأوضح أنه في أوائل القرن العشرين استخدم الراديو والتلفزيون لبث رسائل سياسية مما سمح بوصول أوسع وأكبر من أي وقت مضى، حيث أنه في أواخر القرن العشرين أحدث اختراع الإنترنت ثورة في الاتصال الجماهيري والقدرة على نشر الرسائل السياسية.
وتابع: «في عصر الانترنت انتشرت مواقع الويب والمنتديات والسوشيال ميديا، أصبح الاتصال الجماهيري الآن أداة قوية للوصول إلى جمهور عريض في مختلف دول العالم، وباختصار استخدمت قوة الاتصال الجماهيري في تشكيل التاريخ والتأثير على مليارات من البشر بكبسة زر واحدة».
قال الإعلامي والكاتب الصحفي عادل حمودة، إن الإنترنت قد غير المجتمعات تماما، حيث أنه غير طريقة تواصل الناس مع بعضهم البعض، لكن الإنترنت أتاح معلومات لا حصر لها وصلت الينا بسهولة، كما منحت وسائل التواصل الاجتماعي الفرصة للمهمشين ليعبروا عن أنفسهم، وأصبحت صوتا من لا صوت له.
وأضاف «حمودة» »، أنه في الوقت نفسه استثمرت الدول موارد كبيرة في هذا المجال لتضمن تواصلها مع الرأي العام، كما هيمنت دول لا حصر لها على المعلومات المنشورة حفاظا على أمنها القومي ومصالحها الخارجية.
وتابع: «أكتسب النفوذ الرقمي على الشبكة العنقودية أهمية خاصة في الأحداث الهامة مثل (انتخابات الرئاسة الأمريكية، الحرب الروسية الأوكرانية، جائحة كورونا، غيرها)، لكن لهذا النفوذ الرقمي جانب سيئ جدا».
وفند: «تستخدم وسائل التواصل الاجتماعي في (التضليل، نشر الشائعات، الاستقطاب السياسي، التلاعب بالرأي العام)، والأخطر أنها تحولت إلى أداة مؤثرة في يد التنظيمات الإرهابية».
قال الإعلامي والكاتب الصحفي عادل حمودة، إن جوناثان هايد خبير في علم النفس الاجتماعي نشر تقريرا بعنوان «نعم وسائل التواصل الاجتماعي تقوض الديمقراطية حقا»، بحسب التقرير هناك مجموعة واسعة من الأضرار ألحقتها وسائل التواصل الاجتماعي بالمجتمعات.
وأضاف أن هناك الكثير من الأضرار التي ألحقتها وسائل التواصل الاجتماعي بالمجتمعات؛ منها الاستقطاب السياسي، وعلى الجانب الآخر، حاولت شركة «ميتا» أو فيسبوك سابقا الدفاع عن نفسها.
وأوضح أن شركة ميتا نشرت على موقعها نتائج دراسة تنفي تهمة التأثير السلبي لوسائل التواصل الاجتماعي على الديمقراطية، جاء فيها: «إن الاستقطاب السياسي أخذ في التناقص في الدول التي يتزايد فيها استخدام السوشيال ميديا».
وتابع: «هايد أكد العكس، إذ أن السوشيال ميديا لعبت دورا مؤثرا في توسيع الاستقطاب السياسي الذي تعاني منه الكثير من دول العالم اليوم، والدليل على ذلك أن السوشيال ميديا تقسم المستخدمين في غرف الصدى، وهي مجتمعات مغلقة على أشخاص متشابهين في التفكير، وعدم اتصالنا بأشخاص لديهم وجهات نظر مختلفة يؤدي إلى ترسيخ التفكير الجماعي القبلي، وهذا هو التعصب بعينه».
قال الإعلامي والكاتب الصحفي عادل حمودة، إن جامعة كاليفورنيا قد قدمت ورقة بحثية بعنوان «هل تقود وسائل التواصل الاجتماعي الاستقطاب السياسي؟»، حيث تناولت الورقة التداعيات السياسية الخطيرة لغرف الصدى، ونلخص هذه التداعيات في عبارة واحدة «الناس أكثر استعدادا لارتكاب العنف عندما ينغمسون في مجتمعات متجانسة أخلاقيا».
وأضاف «حمودة» أن هذه الحقيقة أكدتها تصريحات الشاب البالغ من العمر 18 عاما الذي قتل 10 أمريكيين من أصحاب البشرة السمراء في سوبر ماركت في مدينة بوفالو بشمال نيويورك.
وتابع: «سئل الشاب ما مصدر ايمانك بمعتقداتك الحالية؟، فأجاب: الإنترنت، وقام القاتل ببث مباشر لإطلاق النار وهو يفترض أن أصدقاءه في مواقع التواصل الاجتماعي الذين يتبنون نفس أفكاره سوف يدعمونه، ولم يكن بإمكانه العثور على هذه المجموعة المتطرفة والمتجانسة في بلدته الصغيرة».
وفند: «بفضل وسائل التواصل الاجتماعي وجد أصدقاء من مختلف أنحاء العالم يساندونه، هم متطرفون مثله، هم متعصبون مثله، وهم يدعمون العنف مثله».
قال الإعلامي والكاتب الصحفي عادل حمودة، إنه لكي تشتعل النار لابد من توافر ثلاث عناصر «الأكسجين، الحرارة، الوقود»، وبالمثل تتطلب الاخبار المزيفة ثلاث عناصر لكي تنتشر، مشيرا إلى أن العنصر الأول هو جمهور واسع، والعنصر الثاني الجاذبية والإثارة، والعنصر الثالث هو المصدر الذي يدعي أنه موثوق فيه.
وأضاف «حمودة» أن العناصر الثلاثة تتوافر بشكل كبير على مواقع التواصل الاجتماعي، وبالتالي فقد تحولت هذه المنصات إلى مختبرات لإنتاج الأخبار الكاذبة ونشرها، «يبدو أن البشر يميلون للخرافة أكثر، ولا يفضلون مواجهة الحقيقة».
وأكد أن أكثر من دراسة حديثة اثبتت ان منصات وسائل التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك أصبحت مصادر رئيسية للمعلومات المضللة والأخبار المزيفة.هناك دراسة اجراها مركز «بيو» عام 2018 تؤكد: «إن 68٪ من البالغين في الولايات المتحدة يحصلون على أخبارهم من وسائل التواصل الاجتماعي وأن معظمهم يتعرضون لأخبار مزيفة». وتابع: «على تويتر، من عام 2006 إلى عام 2017، كانت القصص الإخبارية الكاذبة أكثر عرضة لإعادة التغريد من القصص الحقيقية بنسبة 70 في المائة، على الأرجح الأخبار الكاذبة أكثر إثارة من الأخبار الحقيقية، والأخبار الكاذبة تثير ردود فعل أقوى وأسرع، والأخبار الكاذبة تمنح المتلقي شعورا بالصدمة والمفاجأة».
وفند: «هناك أيضا تقرير صدر عام 2019 من مرصد ستانفورد للإنترنت جاء فيه إن المعلومات الخاطئة التي تنشر على السوشيال ميديا تنتشر أسرع من الأخبار الحقيقية، وهناك كذلك تحليل أجراه معهد بروكينجز في عام 2020، والتحليل وجد أن المعلومات الخاطئة حول فيروس كورونا تمت مشاركتها على نطاق واسع في منصات السوشيال ميديا أكثر من المعلومات الدقيقة».
قال الإعلامي والكاتب الصحفي عادل حمودة، إن وسائل التواصل الاجتماعي لا شك أنها تتلاعب بالرأي العام، إذ أن مختبر جامعة نيويورك لوسائل التواصل الاجتماعي والمشاركة السياسية خرج عام 2019 بتحليل يستحق التوقف عنده، إذ أن المحتوى الذي ينشأ بواسطة الروبوت على تويتر من المرجح أن يجد مشاركة وتفاعل أكثر من المحتوى الذي ينشأ بواسطة أفراد حقيقيين.
وأضاف «حمودة» أنه يضاف إلى ذلك ما جاءت به دراسة معهد أكسفورد للإنترنت عام 2020، وجاء في تلك الدراسة أن ما يقرب من ثلث المناقشات السياسية على تويتر في عام 2019 أنشئت بواسطة حسابات آلية.
وأوضح أن هناك حالات أخرى للتلاعب بالرأي العام عبر وسائل التواصل الاجتماعي؛ واحدة من أشهر هذه الحالات؛ الانتخابات الرئاسية الأمريكية عام 2016؛ إذ نشرت معلومات كاذبة وقصص إخبارية مزيفة على نطاق واسع في منصات السوشيال ميديا.
وتابع: «وجدت دراسة أخرى أجرتها جامعة واشنطن عام 2020 أن القصص الإخبارية المزيفة تمت مشاركتها ثلاث مرات أكثر من القصص الإخبارية الحقيقية خلال الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2016، وحسب كتاب آلة الضجيج، يذكر مؤلفه سنان آراك، أنه خلال الانتخابات الرئاسية الأمريكية عام 2016 نشرت روسيا معلومات كاذبة نجحت في الوصول إلى 126 مليون شخص على فيسبوك، و20 مليون شخص آخر على إنستجرام، ومسؤولة عن 10 ملايين تغريدة».
قال الإعلامي والكاتب الصحفي عادل حمودة، إن الأجهزة الأمنية الأمريكية لا تختلف كثيرا عن نظيرتها الروسية، إذ أنه في عصر الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، طورت وكالات الأمن القومي الأمريكي وسائلها للتأثير على الرأي العام العالمي.
وأضاف «حمودة» أنه في منتصف 2009 تأسست قيادة الولايات المتحدة السيبرانية، وهذه القيادة واحدة من عشر قيادات عسكرية تابعة لوزارة الدفاع الأمريكية.
وأوضح أنه جرى إنشاء هذه القيادة في مقر وكالة الأمن القومي الأمريكي في ولاية ماريلاند، وتنسق هذه القيادة في عملها مع وكالة الأمن القومي، وأنشئت أصلا للقيام بمهام دفاعية، لكن أصبحت فيما بعد قوة هجومية، وفي 18 أغسطس 2017 جرى الإعلان عن ترقية هذه القيادة إلى مستوى القيادة القتالية الموحدة الكاملة والمستقلة.
وتابع: «بالطبع الاستخبارات الأمريكية تاريخ طويل في التلاعب بالأخبار والمعلومات، ومن أشهر العمليات التي طبقتها المخابرات المركزية عملية الطائر المحاكي، وكانت عملية سرية لوكالة المخابرات المركزية للتأثير على وسائل الإعلام المحلية والأجنبية».