قال الإعلامى عادل حمودة، أن الناس أجمعوا على أن الجينز يزيل الفوارق الطبقية بين الناس، يرتديه الغنى ويرتديه الفقير فلا تعرف ثروة كل منهما، يرتديه الوزير وأستاذ الجامعة وعامل توصيل الطلبات فلا تعرف المستوى الثقافى لكل منهم، والجينز نجح فى تقريب الطبقات ولو لبعض الوقت، ونجح فيما فشلت فيه كثير من القوانين الوضعية، هنا يمكن القول أن الجينز أصبح محركا مؤثرا فى السياسة حتى ولو لم ننتبه إلى هذه الحقيقة.
وأوضح خلال تقديمه برنامج «واجه الحقيقة» المذاع على فضائية القاهرة الإخبارية، أن تقارير صحفية تؤكد أن كوريا الشمالية حظرت ارتداء الجينز الضيق حتى لا ينسب إليها تقليد نمط الحياة فى الدول الرأسمالية، ولم يثر القرار الكثير من الدهشة والسبب أن القادة السياسيين كانوا دائما على دراية بتأثير الموضة وما ترمز إليه.
وأشار الإعلامى عادل حمودة إلى أن "دجورديا بارتليت" فى كتابها "الموضة والسياسة" أشارت إلى أن الموضة فى حقيقتها: تعبيرا عن التيارات القومية، ولكنها لا تنجو من تأثير الرأسمالية، أليست بيوت الموضة فى عواصم الغرب هى التى تأخذ العالم إلى حيث تشاء، بالطبع يمكن أن تعزز الملابس الولاء للدولة القومية بارتداء زى موحد، أو برفض الملابس التى ترى أنها تخالف المعتقدات الدينية والأيدلوجية السياسية، مثلا يرفض الإيرانيون بعد الثورة الخومينية ارتداء رباط العنق رفضا للتشبه بالغرب، وفرضت النظم الشيوعية لباسا رسميا يشبه لباس السفارى كنا نسميه فى مصر بدلة الاتحاد الاشتراكى.
وقال عادل حمودة، أن الفنان «براندو» ارتدى الجينز الأزرق مع سترة جلدية سوداء وحذاء أسود، وانتشر الجينز أسرع مما توقع المؤرخين، ولم يعد الجينز يرتبط بعمال المناجم أو رعاة البقر، بل أصبح رمزا للتمرد بين مختلف شباب العالم.
وأوضح أنه تأكدت مكانة الجينز مع النجم الأيقونى جيمس دين فى الفيلم الشهير "ثائر بدون قضية"، ولم يستمر وقت طويل حتى قلده باقى النجوم، وكما كان متوقعا قلد الشباب نجوم السينما وارتدوا الجينز، أصبح الجينز رمزا لتمرد الشباب خلال خمسينات وستينات القرن الماضى، فى ذلك الوقت منعت العديد من المدارس الأمريكية التى يتعلم فيها أبناء الكبار والأثرياء ارتداء الجينز، لكن يبدو أنه لم يكن هناك ما يمكن أن يبطئ من شعبية الجينز، حسب إحصاء أمريكى رسمى فإن 90% من الشباب الأمريكى يرتدون الجينز فى كل مكان ماعدا غرفة النوم.
وأشار الإعلامى عادل حمودة إلى أنه فى منتصف خمسينات القرن الماضى بدأت حركة الحقوق المدنية الأمريكية تظهر على سطح الحياة المدنية، وحرضت على الاعتصامات، ودعت إلى المسيرات، فى تلك الأحداث لم يكن الجينز زيا مفضلا لغالبية النشطاء فقط وإنما كان رمزا للاحتجاج أيضا.
وقال عادل حمودة، أن الجينز لعب دورا خاصا جدا فى الحرب العالمية الثانية، بل ساهم فى توحيد افراد الجيش الأمريكى كما يؤكد خبراء الموضة، لافتا إلى أن يقول مارك إيفان بلاكمان أستاذ ملابس الرجال فى معهد الموضة فى نيويورك:«أعتقد أننا إذا عدنا إلى الوراء ونظرنا إلى الحرب العالمية الثانية فإن التجنيد الإجبارى غير حقا الطريقة التى تنظر بها أمريكا إلى نفسها».
وأوضح أنه عندما أجبر أشخاص من خلفيات مختلفة للعمل معا من أجل الصالح العام واجهوا بعضهم البعض وأدركوا أنهم جميعا يريدون الشيء نفسه، هنا والكلام لا يزال لبلاكمان: أصبح الجينز الجزء الرئيسى فى صناعة الملابس داخل الجيش الأمريكى وبالتالى ساهم فى صنع توازن كبير بين الجنود، بالنسبة للعديد من الأشخاص الذين لم يكبروا فى المزارع كانت هذه هى المرة الأولى التى يرتدى فيها الجينز، لكن الأهم ساهم الجينز فى إذابة الفوارق وفرض المساواة ووحد الجنود على اختلاف البيئات التى جاؤوا منها.
وأشار إلى أن عام 1953 شكل لحظة فاصلة فى شهرة بنطلون الجينز عندما ارتداه النجم العالمى مارلون براندو فى فيلم "ذا وايلد وان"، وكان براندو يلعب دور زعيم عصابة من سائقى الدرجات النارية.
ولفت الإعلامى إلى أن بيع أول جينز بنطلون كان فى عام 1879 وكان به أربعة جيوب فقط. واحد فى الخلف، اثنان من الأمام، وجيب صغير جدا يطلق عليه جيب الساعة، «بقى جيب الساعة حتى اليوم رغم أن الساعة التى كانت توضع فيه أصبحت فى المعصم».
وأوضح أن الجينز بدأ فى الأصل كملابس متينة تتحمل العمل فى المناجم والمزارع وتربية المواشى وكان اللون السائد هو الأزرق النيلى الذى يخفى الاثار السيئة التى تسببها هذه المهن، ومن عمال المناجم فى أواخر القرن التاسع عشر إلى رعاة البقر فى ثلاثينات القرن العشرين زادت شعبية الجينز، وعندما سادت موجة أفلام الكاوبوى تضخمت خزائن أرباح شركات السينما فى هوليوود.
وأشار حمودة إلى أن هوليود ساعدت فى إضفاء الطابع الرومانسى على الجينز الأزرق حتى اليوم، وكان النجوم مثل جون وأين. وجارى كوبر. ورونالد ريجان. لا يظهرون إلا بالجينز الأزرق وهو يقومون ببطولة أفلام الكاوبوى، بل أن شهرة الجينز زادت عندما تحدثت عنه برومانسية الأغانى الشعبية المعروفة بالكانترى موزيك.