قال الدكتور عمرو خالد، الداعية الإسلامى، إن أينْشتاين قال فى نظريته النسبية، إن حالة السكون المطلق لا وجود لها في الكون، وإن الكون عبارة عن حركة صاخبة، حيث تدور الأرض حول نفسها، وفى نفس الوقت تدور حول الشمس، والشمس بمجموعتها كلها تجرى حول المجرة، حتى المجرات فى الكون تتباعد عن بعضيها بصورة مستمرة ومنتظمة.
وفى ثالث حلقات برنامجه "بالحرف الواحد"، الذى يربط بين الدين والحياة والعلم كمثلث متكامل، أوضح خالد، أن علماء الفيزياء فى مزاحهم، دائمًا ما يشبهون آينشتين بشعره المنكوش ونيوتن بشكله الأنيق وكأنهما غريمان، ويأخذ مزاحهم طابعًا علميًا، فلطالما سمعناهم يقولون الحمد لله أن أينشتاين كان هو الذى على صواب، والحمد لله أن نيوتن هو الذى لم يكن على صواب؛ لأنه لو كان الأخير على صواب، لما أضاء النور ولما عملت أجهزة الـ جى.بى. اس GPS ولا عملت المفاعلات النووية ولا المغناطيسات الكهربائية، ولا مولدات الطاقة، ولا كان لمعان المعادن، ولا كان اللون الأصفر للذهب، ولا كانت مقاومة الذهب للصدأ، ولا كان الزئبق سائلًا، ولما كانت حياتنا اليومية لتسير مثلما تسير هذه الأيام.
وشرح خالد بطريقة مبسطة نظرية النسبية، قائلًا: "أينْشتاين افترض لو كنت واقفًا على الأرض ولاحظت صاروخًا ينطلق لأعلى، فستلاحظ أنه كلما ابتعد الصاروخ قل طوله فى اتجاه حركته، حتى يبعد تمامًا، تمامًا مثل الطائرة وهى على الأرض طولها كبير، لكن طولها يقل شيئًا فشيئًا فى اتجاه حركتها".
وأشار عمرو خالد، إلى أن هذا أول ركن من أركان النظرية النسبية لأينْشتاين، (الحركة تقلل الطول.. انكماش الطول)، بينما الركن الثانى منها (سرعة الحركة تقلل الزمن. تباطؤ الزمن)، حيث لو افترض وأن انطلقت بصاروخ، فإن ساعة الوقت ستتأخر، وإن لم تشعر بذلك، لأن إيقاع القلب، وجميع عملياته الحيوية فى الصاروخ ستتباطئ، وكلما زادت الحركة سيزيد تباطؤ الزمن، ويظل يتباطئ الزمن كلما زادت السرعة حتى نصل لسرعة الضوء، فيتوقف الزمن، وإن كان الوصول لسرعة الضوء بالطبع مستحيلًا.
وشرح الداعية الإسلامى، مثالًا تقريبًا على ذلك قائلًا: "يعنى لو لك أخ توأم عمره 20 سنة وانطلق بالصاروخ إلى الفضاء، سيكبر ببطء بسبب تباطؤ الزمن، بينما أنت على الأرض ستكبر بالمعدل الطبيعى، فلو قابلته على الأرض بعد 70 سنة، سيصير عمرك 90 سنة بينما هو فى عمر 30 سنة".
وأوضح خالد، أنه فى عام 2015 وضع الدكتور جيمس كولاتا، أستاذ الفيزياء النووية المتفرغ بجامعة ميتشيجن كتابًا بعنوان: "علم الكونيات الابتدائى: من كون أرسطو إلى الانفجار الكبير وما بعدها"، وبالتحديد فى صفحة 49 إلى 50، حيث يوضح النظرية النسبية لـ أينْشتاين، وأركانها، وقال أقوى مثل لفهم نظرية النسبية، وهو ظل الإنسان، فاستعان بتجربة بسيطة اعتمدت على متابعة حركة الظل، وأتى بعصا ووضعها داخل غرفة تسمح بدخول ضوء الشمس، وكان طول ظل العصا، وهى فى وضع أفقى 1 متر على أرضية الغرفة، وطول ظلها 1 متر على حائط الغرفة، وهى فى وضع عمودى، وبدأ يحركها بسرعة من الوضع الأفقى للرأسى وبالعكس سريعًا، فلاحظ أن طول العصا يقل مع كل زاوية حركة، وأن الزمن يقل وتباطأ مع كل سرعة لحركة العصا، وأثبت بالقياسات وبالمعادلات الرياضية أنه حدث لظل العصا انكماش الطول وتباطؤ الزمن نتيجة الحركة".
وأضاف الداعية عمرو خالد، أن تجربة الظل من وجهة كولانا هى أبسط فكرة يشرح من خلالها النظرية النسبية وأركانها، لأن ما حصل للظل من انكماش الطول وتباطؤ الزمن نتيجة الحركة هو "النظرية النسبية، موضحًا أنه عندما سألوه: لماذا أجريت التجربة على الظل بالذات لتفهم الناس نظرية النسبية؟، قال لأنها أسهل طريقة للتشبيه لتقريب الصورة لأذهان الناس عنها.
وكشف الداعية الإسلامى، عن أن القرآن الكريم ذكر منذ 1400 سنة نفس المثال بالضبط الذى كتبه دكتور كولاتا فى كتابه سنة 2015، "ألم تر إلى ربك كيف مد الظل ولو شاء لجعله ساكنًا ثم جعلنا الشمس عليه دليلا * ثم قبضناه إلينا قبضًا يسيرًا".
ومضى خالد، شارحًا: "ألم تر إلى ربك كيف مد الظل"، إشارة لحركة الظل وعدم سكونه، والمثل هو الظل كمثال سهل لحركة كل الأشياء الأخرى، "ولو شاء لجعله ساكنًا"، تأكيد على أنه متحرك وليس ساكنًا، "ولو شاء لجعله ساكنًا"، وكأنه تهديد لو كان الكون ساكنًا لاستحالت الحياة. يعنى كلام نيوتن خطأ.
واستطرد عمرو خالد: "ثم جعلنا الشمس عليه دليلًا"، الضوء هو الدليل وسط المتغيرات، والدليل فى الفيزياء هو القيمة الثابتة، دليلًا يعنى شيء ثابت يدل عليه.. إشارة إلى ثبات الضوء.. العلم يقول: "سرعة الضوء ثابتة، ثم قبضناه إلينا قبضا يسيرًا"، أى الظل.. القبض للظل يعنى انكماش الطول "الركن الأول فى نظرية النسبية.. "قبضًا يسيرًا" يعنى الزمن يقل ويتباطئ، وهو الركن الثانى من نظرية النسبية.
وشدد الداعية عمرو خالد، على أنه ليس معنى ذلك أن تقول ليس هناك إله، وأن كل شيء نسبى، لأنه إذا كان العلم يقول لا بد أن يكون هناك ثابت.. سرعة الضوء ثابتة... كذلك فى الحياة لابد أن يكون هناك شيء ثابت هو القيم والأخلاق.. كذلك فى الدين الله هو المطلق الذى لا يتغير".
وخلص عمرو خالد: إلى القول بأنه لو كان كل شيء نسبى فى الكون ولو سرعة الضوء ليست ثابتة لصرنا بلا دليل وتخبطنا وضللنا وضعنا "ثم جعلنا الشمس عليه دليلًا"، وكذلك لو كان كل شيء نسبى فى الدين لصرنا بلا دليل وتخبطنا وضللنا وضعنا.."الله لا إله إلا هو الحى القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم"، وكذلك لو كان كل شيء نسبى فى الحياة. لصرنا بلا دليل وانهارت حياتنا "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق".