عامان على الأكثر وتختفى ظاهرة ما تسمى بأغانى "المهرجانات"، بما تحمله من "هرتلة" وعبثيات لفظية، وتلوث سماعى، أرهق آذاننا فترات ليست بالطويلة، حيث بدأت فى التآكل شيئا فشيئا ولم يعد لها الآن بريق فى الشارع، عكس الضجة الكبيرة التى أحدثتها وقت ظهورها فى الوسط الموسيقى، رغم أنها أغانى بلا معنى ولا ثقافة (لا كلمات ولا إيقاعات ولا موسيقى ولا فن أصلا) عبارة عن (صراخ وخبط ورزع).
هذه الظاهرة لم تعد قادرة على الصلابة ولا التحدى، أصبحت تتضاءل بشكل كبير، فبمجرد أن تظهر أغنية تنجح و"تعلم مع الناس" مثل "آه لو لعبت يا زهر" للمطرب أحمد شيبة، حتى تلغى كل سابقيها.. نحن نعيش فى زمن الأغنية وليس المطرب.. وما يؤكد اختفاء أغانى "المهرجانات" اعتمادها على قاعدة "هشة" من الجمهور "يستمع إليها مرة وخلاص"، لا أكثر، والبعض يصفها بأغانى "النكت" مثل "مفيش صاحب بيتصاحب" لأولاد سليم اللبانين، والتى بمجرد ظهورها أنهت كل ما صنعه أوكا وأورتيجا فى سماء المهرجانات.. وعندما قدما أوكا وأورتيجا وشحتة كاريكا فيلمهم "4 كوتشينة" فشلوا فشلا كبيراً فى دور العرض السينمائية، وتم رفعه من السينمات بعد أسبوعين، نتيجة عدم تحقيقه إيرادات، بعد أن راهن عليهم أحد المنتجين بسبب شعبيتهم فى الشارع بعد نجاح أغانيهم، وكان هذا بداية السقوط الكبير.
هذه الظاهرة أتمنى اختفاءها أمس قبل اليوم، وكان يجب أن تموت قبل أن تبدأ من الأصل، ويجب محاكمة مؤيديها الذين يتحججون أنها "واكلة مع الناس ومعلّمة معاهم ونجحت"، وهم لا يعرفون توصيفها هل هى أغانى شعبية أم موضة؟، وكل ما يتشدقون به: "أصله فى كل زمن بيطلع حاجة زى كده".
ورغم ضعف أغانى المهرجانات فى الوقت الحالى، فإن صناعها يتوهمون أنهم يصبحون نجوما يوما ما، بل يتوقعون أن "الزمن الجاى بتاعهم" ويسحبون البساط من تحت أقدام نجوم الغناء، ونسوا أن الفن موهبة وثقافة وعلم، وهم بلا ثقافة ولا علم ولا موهبة، بل أكثرهم لا يعرف القراءة ولا الكتابة.
ربما يخرج لون غنائى آخر بعد اختفاء "المهرجانات"، أكثر عبثا، فالأشياء التى ينطق بها "بتوع المهرجانات" لا نعرفها ولا نفهمها ولا ندرى ماذا يريدون أن يقولوا منها، سوى الرقص والبلطجة وتشويح الأيدى يمينًا وشمالا، لكن فى كل الأحوال ستختفى هى الأخرى ولن يبقى سوى الفن الجيد.