نقلا عن العدد اليومى...
أدفع 50 قرشًا، لمن يجيب على هذا السؤال من موسيقيى الجيل الحالى: من وضع لحن "أنا قلبى دليلى"؟، الذى تغنت به النجمة ليلى مراد، وأصبح اللحن الأهم فى حياتها الغنائية، بالطبع أكثرهم لا يعرف وبعضهم سيلجأ إلى "جوجل" يبحث عنه.. وأنا لن أريحهم وأكتبه مباشرة.
صاحب لحن "أنا قلبى دليلى" موسيقار كبير تتلمذ على يديه محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش ورياض السنباطى، وكان ملء السمع والبصر قبل أن ينقر عصفور الحب قلبه، إذ قال عنه الموسيقى اللبنانى توفيق الباشا: "إنه أستاذ النغم بكل تعقيداته".
هذا الموسيقار جدد فى الموسيقى بكل أنواعها، وتمرد على الشكل التقليدى حتى عندما كون فرقته الموسيقية أضاف إليها آلة التشيلو وآلة الكونترباص وهما آلتان غربيتان لم يكن متعارف عليهما فى الموسيقى العربية فى ذلك الوقت، برع فى تلحين فن المونولوج الغنائى وطوره من "إن كنت أسامح وأنسى الآسية" إلى "رق الحبيب"، تغنت بهما أم كلثوم، ولحن ما عرف باسم "الطقطوقة" ومنها "بعد العشا" وطقطوقة "شال الحمام حط الحمام"، وغيرها من الطقاطيق.
كان نجوم هذا الزمن يهرون إليه ليصنع لهم ألحانًا (أم كلثوم، ليلى مراد، منيرة المهدية)، وما إن وقع فى الحب حتى عذبه وحوله من موسيقار لعواد فى فرقة الست أم كلثوم، إلى أن رحل ولم يتبق منه على مسرح كوكب الشرق سوى "الكرسى" الذى كان يجلس عليه خلال العزف فى وصلاتها الغنائية.
عن هذا الموسيقار يقول الكاتب سعيد الشحات سألت الراحل كمال الطويل عنه فقال: "لقد سألته لماذا تكتفى بأن تكون عازفا للعود فى الفرقة الموسيقية التى تصاحب أم كلثوم فى حفلاتها الغنائية، وأنت المجدد الأعظم فى الموسيقى العربية؟، فأجابه: "مش عارف يا كمال كل ما أنوى أعمل لحن جديد لأم كلثوم يطلع لى عفريت".
هذا الموسيقار الذى يعد حالة خاصة فى عالم الموسيقى هو محمد القصبجى، وقد تحدثت الدكتور رتيبة الحفنى فى كتابها "محمد القصبجى- الموسيقى العاشق"، عن سنواته الأخيرة التى عاش فيها وحيدا، خاصة بعد أن طلبت منه أم كلثوم الراحة، فلم يعد يظهر معها فى فرقتها الغنائية، وأدى ذلك إلى اكتئابه، وظل فى منزله نحو عامين يعانى العزلة وعدم سؤال الناس، ما زاده مرضًا وقلة رغبته فى الحياة، وفى يوم 10 ديسمبر 1965 أصيب بجلطة فى المخ وشلل نصفى أيسر، ونجا منها، وطالبه الأطباء بالراحة، إلا أنه لم يستسلم، بل حضر اجتماع لجنة الموسيقى الذى كان مقررًا أن يناقش ترشيحه للحصول على جائزة الدولة التقديرية، ولم يحصل عليها.
الاثنين الماضى كرمت جمعية المؤلفين والملحنين الموسيقار الكبير فى ذكرى تأسيس الجمية الـ70، مع رواد الموسيقى سيد درويش وعبد الوهاب وزكريا أحمد.