محمد خان مخرج صاحب نظرة ثاقبة ورؤية واضحة، له سينما خاصة تلخص حالة المجتمع المصرى بتنقيبها فى الواقع، راجع مثلا أفلامه (الحريف، وزوجة رجل مهم، وأحلام هند وكاميليا، وعودة مواطن، وخرج ولم يعد)، وغيرها من الأفلام المهمة.
«انفراد» أجرت حوارا مع المخرج الكبير عن تجربته الجديدة «قبل زحمة الصيف»، وخروجه من الدورة الخامسة من مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية بدون جوائز، ورد المخرج على منتقديه الذين يرددون أن الفيلم لم يكن على المستوى المطلوب وجاء مخيبا للآمال ولا يليق باسم محمد خان.
هل شعرت بالضيق نتيجة خروج فيلمك «قبل زحمة صيف» بدون جوائز من مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية؟
- لا.. نهائيا، ولم أكن أتوقع فوزه بأى جوائز من الأساس، خاصة أن هناك الكثير من الأفلام الأفريقية التى تناقش قضايا مهمة تخص الكثيرين، لكن فيلمى خفيف يحكى عن حالة إنسانية معينة ولا يناقش بعمق قضايا اجتماعية أو سياسية بعينها.
كيف جاءتك فكرة الفيلم؟
- فكرته راودتنى بعد قضائى إجازة مع زوجتى فى قرية سياحية تكاد تكون خالية تماما من الناس، ولذلك فكرت فى تنفيذ فيلم عن حياة الناس القاطنين فى مثل هذا المكان فى وقت معين من العام، وهو ما قبل حلول فصل الصيف الذى يكون فيه إقبال كبير على الذهاب للقرى السياحية.
هل قصدت بمشهد النهاية الذى خرج فيه الدكتور «يحيى» ماجد الكدوانى وشريكه براءة من تهم الإهمال الطبى أن هناك تسيبا فى المستشفيات؟
- الفساد والإهمال والتسيب الطبى موجود على أرض الواقع، ولم يكن هذا الخط الدرامى موجودا فى السيناريو الأصلى، ولكنى وضعته بعد ما حدث للكاتبة نادين شمس- الله يرحمها- التى لقيت مصرعها بسبب الإهمال الطبى، وشعرت بوجوب تسليط الضوء على هذه القضية نظرا لأهميتها الشديدة، خاصة أنها تمس الواقع بقوة، ولكن مشاكل الإهمال الطبى لم تكن هى أساس الفيلم واكتفيت بالإشارة إليها فقط.
لماذا تركت علاقة السيدة الارستقراطية «هالة» والشاب الصعيدى الفقير «جمعة» مفتوحة ولم توضح طبيعة تطور هذه العلاقة؟!
- تركتها مفتوحة عن عمد، لأنى لا أريد أن أفرض رأيى على الجمهور، ولكنى أردت أن أظهر للمشاهد حالة خاصة بين مجموعة من الناس جمعهم مكان بعيد وظروف معينة، ومعروف أنه من المستحيل أن يكون هناك علاقة بين الطبقتين تمثلها الشخصيتان، ولكن قد يكون هناك نزوة حدثت بينهما ولذلك تركت الأمر مفتوحا.
كيف حافظت على ثبات الإضاءة الطبيعية بمشاهد الفيلم المختلفة خاصة أنه أمر صعب التنفيذ؟
- صورت جميع مشاهد العمل فى الشتاء لأن الجو كان صافيا ومعتدلا والإضاءة به جيدة، ولم أضع الوقت بالإعادة المتكررة للمشاهد، واعتمدت على عنصر البساطة فى مشاهد الفيلم المختلفة، واستغرق منى التصوير شهرا واحدا فقط.
هل مشهد تساقط الأمطار الغزيرة كان طبيعيا؟
- جهزت مجموعة من المحترفين فى الخدع السينمائية لتنفيذ الفيلم، وقمت بتصويره عدة مرات وفى كل مرة كنت أشعر دائما أنه مفتعل وأعدت المشهد أكثر من مرة إلى أن تفاجأت بنزول الأمطار طبيعيا وخرج المشهد بالصورة التى أرضى عنها.
بعد عرض الفيلم فى المهرجان عتب عليك جمهورك ووصفوه بالخفيف وأنه لم يحمل رسالة بل قال بعضهم إن الفيلم لا يليق باسم محمد خان..ما رأيك فى ذلك؟
- دائما ما يحاول الناس أن يضعوك فى قالب أو خانة معينة ويجب عليك أن تتكيف مع ذلك، ولكنى لا أريد أن أحصر نفسى فى قالب معين وليس بالضرورة أن يحدث ما يريدونه، فأنا أحب أن أنوع فى أفلامى وأقدم أفلاما لا تشبه بعضها، أحاول أن أجعلهم يرون حالة إنسانية خاصة، لا أريد أن أبعث إليهم برسائل معينة من خلال العمل، ولا أريد أن أفرض عليهم وجهة نظر معينة، أنا أحاول أن أجعلهم يتفاعلون مع ما يرونه على الشاشة بدون أى توجيه أو وصاية أو تدخل منى، أعرض لهم الحالة وأتركهم أحرارا فى تكوين انطباعاتهم وأفكارهم ولا أجبرهم على شىء، لأنى لست مصلحا اجتماعيا، والفيلم يعرض حالة إنسانية بين طبقة من الناس يعيشون حالة من الترف والرفاهية وطبقة كادحة، وأجعل المشاهد يرى كيف تبدو حياة هذه الطبقة المترفة من خلال عيون الطبقة الكادحة.
رأى البعض أن الفيلم به إساءة للمرأة المصرية المطلقة حيث إن شخصية هالة كانت تقيم علاقات خاصة كما يحلو لها متناسية واجبها تجاه أبنائها!
- الفيلم لا يسىء للمرأة المصرية نهائيا، ولا يظهر المطلقات بصورة المنحلات أخلاقيا، ولكنه يحكى عن سيدة تدعى هالة وهى حالة خاصة ومتفردة ولا أسمح بتعميم هذه الشخصية على جميع السيدات لأن الفيلم بذلك سيأخذ منحى آخر بعيدا عما هو عليه فى الحقيقة.
ما النصيحة التى توجهها للشباب المهتمين بصناعة السينما والراغبين فى الدخول إليها؟
- أنصحهم أن يقدموا أفلاما عما يشعروا به فى قلوبهم بصدق فقط.
ما أسباب رفض مهرجان مسقط «قبل زحمة الصيف»؟
- مهرجان مسقط لم يرفض الفيلم، ولكن الرقابة هناك هى من اعترضت عليه، وأود الإشارة هنا إلى أن العمل لم يعرض فى مهرجان القاهرة، لأنه لم يكن جاهزا وقت حلول موعد المهرجان العام الماضى، ولذلك لم أشارك به، ومشاركتى فى مهرجان دبى لأنه نافذة على العالم، وسعيد بمشاركتى فى مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية.