50 ألف جنيه ميزانية الاحتفال باليوبيل الفضى للمسرح المستقل

رغم أن هناك مهرجانات وفعاليات ثقافية وفنية يخصص لها الملايين من قبل وزارة الثقافة، ولا تثمر ما كان مأمولا منها أن تقدمه، جاءت الاحتفالية الخاصة باليوبيل الفضى للمسرح المستقل بثمار كثيرة تمثلت فى عروض مسرحية راقية وندوات ناقشت قضايا مهمة وورش عمل فنية استفاد منها من حضرها، ومعارض فنية غلب عليها الاحترافية برغم أن أغلب تلك الفعاليات قدمت بجهود تطوعية وبدون مقابل مادى.

الحق أن رواد المسرح المستقل يناضلون على مدار 25 عاما من أجل توفير مساحة لهم على الساحة الثقافية العامرة بكل ما هو تقليدى وممل ولا قيمة له وعندما يبحثون عن دعم كانوا يواجهون أبوابا مغلقة فى وجوههم، وحان الوقت حاليا لتنظر لهم وزارة الثقافة بعين الاعتبار من خلال تخصيص ميزانية للمستقلين مثلهم مثل كل قطاعات وزارة الثقافة التى يخصص لها ميزانية بما يسمى "وحدة دعم المسرح المستقل" التى تشمل كل الضمانات التى تمكن الوحدة من القيام بدورها (حسب القرار الوزارى) كوحدة مختصة بوضع الخطط والسياسات العامة المتعلقة برعاية الدولة للنشاط المسرحى الأهلى ووضع ضوابط ومعايير وآليات صرف الدعم السنوى المزمع تخصيصه لأنشطة الفرق المسرحية المستقلة ومتابعته. أما عن الاحتفالية التى اختتمت أمس فقد أقام المستقلون خلال أسبوع كامل عرسا مسرحيا توافدت عليه الجماهير وفنانو ونقاد المسرح المصرى بكثافة وإقبال استثنائى، سبعة أيام أثراها الحوار الدائم اتفاقا واختلافا وهو روح المسرح الحقيقى وتضمنت الاحتفالية ثمانية عروض توفرت فيها معايير التنوع الفنى والجغرافى وعكست العروض تتابع وتواصل أجيال من المسرح المستقل.

كان الافتتاح بعرض جماعة المسرح البديل (عتب البيوت) للمخرج محمود أبو دومة وهى فرقة سكندرية رائدة فى مجال المسرح المستقل، واختتمت الاحتفالية بعرض لفرقة مستقلة رائدة أيضا طالما ألهمت بتجربتها العديد من الفرق وهى فرقة الورشة بعرض ( لسه هنا).

ويأتى جيل التسعينات الموجة الأولى لتيار المسرح المستقل والذى تمثل فى فرقة القافلة للمخرجة عفت يحيى بعرض محطات من رحلة الفرقة، ومن الجيل ذاته فرقة الشنطة عرض (أوسكار والسيدة الوردية ) وهى على حداثة تاريخ إنشائها إلا أن مؤسسها ومخرج العرض هانى المتناوى من ذات الموجة التسعينية فى تيار المسرح المستقل.

ثم تأتى عروض جيل الألفية الثانية ( حلم بلاستيك) لفرقة الممثل إخراج شادى الدالى، (أنا دلوقتى ميت) لفرقة الساعة إخراج هانى عفيفى و(ثلاثة عروض وفرقة واحدة) لفرقة ملامح إخراج مصطفى حزين وعرض (حكايات النيل) لفرقة تليتوار ( المنيا) للمخرج جمعة محمد تأكيدا على التنوع الفنى وامتداد حركة المسرح المستقل عبر التاريخ والمكان.

وفيما يخص الورش تجاوزت الأرقام المتقدمة للالتحاق بالورش الألف شخص وهو ما عكس احتياجا حقيقيا لدى شباب المسرح المصرى للتدريب وتطوير أدواتهم ،التحق بالفعل بتلك الورش ما لا يقل عن 150 متدربا تم تدريبهم على مهارات التمثيل وإدارة الإنتاج والسينوغرافيا والبانتومايم. وقام بالتدريب بتلك الورش خبراء مسرحيون على مستوى عال من الحرفية. الممثل والمخرج أحمد مختار، والمخرج جمال ياقوت، ومصمم الديكور حازم شبل، والممثل وفنان البانتومايم حمادة شوشة وأقيمت الورش بالمجلس الأعلى للثقافة وبوكالة الغورى ومسرح أوبرا ملك وبمركز سعد زغلول .

أما عن المعارض الوثائقية فهناك سابقة هى الأولى من نوعها فى تاريخ المسرح المستقل فقد أقيم بالاحتفالية معرضا وثائقيا حوى العديد من الوثائق الهامة والحيوية فى تاريخ المسرح المستقل وفى تاريخ الفرق المشاركة بالمعرض على وجه الخصوص فضم المعرض قسما للوثائق الأصلية لفعاليات ولقاءات ومهرجانات الحركة المستقلة منذ اللقاء الأول وحتى مواسم المسرح المستقل المختلفة مرورا بمهرجان المسرح المستقل للكوميديا الخفيفة ومهرجان الربيع ، ومهرجان الشوارع الخلفية. وضم أقساما لحوالى 25 فرقة من الفرق المستقلة من أجيال مختلفة.. تحتوى أغلبها على وثائق أصلية وصور وتسجيلات لعروض هذه الفرق وضم المعرض برنامجا لعروض مسرحية مسجلة لبعض الفرق المستقلة من مراحل مختلفة، وقد شهدت تلك العروض إقبالا من الباحثين المهتمين بتاريخ المسرح المستقل ومن الفنانين الذين شاركوا فى تلك العروض.

وعلى مدار يومين ناقش المستقلون (علاقة المسرح المستقل بمؤسسات الدولة الحكومية والمدنية والتشريعية) شارك فيها عدد من الفرق المستقلة ومؤسسات المجتمع المدنى المعنية بالمسرح بالإضافة إلى مدير الرقابة على المصنفات الفنية الدكتور خالد عبد الجليل والمخرج السينمائى والنائب بمجلس الشعب خالد يوسف، وعدد من القانونيين حيث تمت مناقشة إعادة هيكلة الرقابة، وتفعيل نظام التصنيف العمرى عوضا عن أشكال المصادرة والمنع، ومطالبة الفرق المستقلة بمراعاة المسارات الإجرائية الصحيحة للتصاريح وتعديل القوانين المقيدة لحرية الرأى والتعبير والمعيقة للإبداع ولعمل مؤسسات المجتمع المدنى على أن تقوم الأستاذة المحامية ماجدة رشوان بصياغة التصور القانونى لتلك الأطروحات تمهيدا لرفعها لمجلس الشعب عبر الأستاذ خالد يوسف وأهدى المركز القومى للمسرح للاحتفالية كتاب عن تاريخ المسرح المستقل قام بإعداده الأستاذ عيد عبد الحليم .