كنت أحد الصحفيين الذين يتابعون أخبار مسلسل "أهل إسكندرية"، الذى تنتجه مدينة الإنتاج الإعلامى، وهى من أبرز مؤسسات الدولة المتخصصة فى الإنتاج التليفزيونى الدرامى والبرامجى، بل ذهبت إلى موقع التصوير عدة مرات، وتابعت مراحل تصوير هذا العمل، المصروف عليه ما يقرب من 20 مليون جنيه مابين أجور ممثلين وتأجير مواقع تصوير وغيره من ميزانية الدولة أى "من جيب الشعب".
فجأة وبدون مقدمات وبعد الإعلان عن عرض مسلسل "أهل إسكندرية" على بعض الفضائيات، فى سباق رمضان الدرامى لعام 2014، تم إيقاف عرض العمل، وأصبح الجميع فى دهشة سواء من أبطال المسلسل، أو من الذين كانوا يتابعون مراحل تصويره، وسرعان ما انتشرت الشائعات حول وجود جهة سيادية كبرى هى التى تمنع عرضه، وهو ما نفته الجهة المنتجة نفسها جملة وتفصيلا.
ولا تزال حتى الآن الأسباب مبهمة حول عدم عرضه للعام الثالث على التوالى، فالبعض يقول إنه بسبب عدم وجود العرض التسويقى الجيد لبيعه، وآخرون، يرددون أنه بسبب موقف عدد كبير من صناعه ونظرتهم لثورة 30 يونيو منهم عمرو واكد وبسمة زوجة عمرو حمزاوى وأيضا مؤلفه بلال فضل، وفئة ثالثة تؤكد من داخل مدينة الإنتاج الإعلامى، وهى الجهة المنتجة للمسلسل، أن العمل يسلط الضوء على جماعة الإخوان الإرهابية، ويضعهم فى مصاف الأبطال المظلومين، وفى هذه الحالة لا بد من الحصول على موافقات أمنية كى يتم بيعه وتسويقه.
كل ما سبق لن أتوقف عنده كثيرا، لكن هنا السؤال كيف لجهة إنتاجية حكومية كبرى من المفترض أنها تختار بعناية فائقة الأعمال التى تقدمها من خلال لجنة مكونة من عدة أعضاء كل منهم يتقاضى عشرات الآلاف شهريا، هذه الأعمال من المفترض هدفها تحقيق الربح المعقول، وفى نفس الوقت تقديم رسالة تثقيفية تنموية حتى ولو كانت ترفيهية لمجرد التسلية فالفن أحد أهدافه الإمتاع والترفيه، أن تختار أعمالها بشكل عشوائى، أو تستقر على أعمالا من المتوقع لها ألا ترى النور، خاصة وإن كانت تسير ضد الدولة أو تقدم أعمالا هدفها إظهار جماعة إرهابية "أبطالا"، والسؤال الأهم هنا من سيدفع 20 مليون جنيه تم إلقاؤهم على الأرض من أموال الشعب؟!، خاصة وأن رئيس مدينة الإنتاج الإعلامى أسامة هيكل أعلن بنفسه أن المسلسل يخدم السياسة الإخوانية والقنوات طلبت موافقة الأمن قبل عرضه، ألا يعد هذا إهدارا رسميا للمال العام؟، طيب مين اللى اتحاسب؟ مافيش حد..طيب من اللى هيحاسب على المشاريب؟...الشعب الغلبان.