يعنى إيه كلمة سينما؟ السؤال من بساطته يبدو مثيرا للدهشة، ويحمل الكثير من علامات الاستفهام، ولكن يبدو أننا فى حاجة إلى أن نطرحه على السادة المسؤولين فى كل المواقع، والذين فى ظنى لا يرون فى السينما سوى مرادف «للهلس»، أو الناس الرايقة اللى «مالهاش شغلانة»، لذلك فالحديث عن صناعة السينما وأزماتها يبدو حديثا يحمل قدرا من الرفاهية، ولا يلتفت إليه أى مسؤول تحت أى ظرف مهما تغيرت الحكومات، ومهما خرج علينا المسؤولون بتصريحات تؤكد على رقى هذا الفن وأهميته، ودوره فى النهوض بالبلد، وزيادة الوعى، واعتبار الفن هو السبيل الوحيد لمقاومة كل أشكال التطرف، إلا أن هؤلاء فى قرارة نفسهم يحملون نظرة دونية للفن، وكما قال بعض النجوم إن المسؤولين «يرون الفنانين شوية أراجوزات».. لا يلتفت أحد إلى ما يقولون أو يطرحون من مشكلات أو أزمات ينبغى على الحكومة التدخل لحلها، لذلك تكدست الأدراج بمئات الملفات التى تضم مشاكل الصناعة، والاقتراحات بحلول تعود بالفائدة على الصناعة وعلى اقتصاد البلد الذى من المفترض أنه يعانى من أزمة اقتصادية، وفى أمس الحاجة لأى عملة تأتيه عن طريق إحدى الصناعات.
ولكن للأسف الحكومات المتتالية بكل وزرائها ومن أعلنوا عن حماسهم للوقوف مع السينمائيين، كان كل كلامهم مجرد وعود مرسلة لا حل ولا ربط، ومن الملفات المركونة فى الأدراج ملف التصوير فى الشوارع والأماكن العامة والأثرية، وملف تصوير الأفلام الأجنبية فى مصر، وكيفية الاستفادة منها فى إدخال عملة صعبة للبلاد؟ ذات الاقتصاد المنهار، وملف تعديل القوانين المنظمة للصناعة والتراث وأيضا قرصنة الأفلام وسرقتها دون أن يكون هناك رادع أو عقاب، مثلا هم لا يدركون التهديد الذى تحمله قرصنة الأفلام، وهى الأزمة التى تعانى منها صناعة السينما- «التى يعافر أهلها لتظل على قيد الحياة رغم كل المعوقات»- وقرصنة الأفلام بهذا الشكل تعد دليلا قاطعا على إهمال الدولة لصناعة السينما، وسبق أن رفعت غرفة صناعة السينما قضايا وتحدثت إلى مجلس الوزراء بخصوص هذه الأزمة، ولكن دون جدوى.
وكلما زاد التطور التكنولوجى استفحلت الأزمة أكثر وأكثر، خاصة أن مشكلة القرصنة أصبحت لا تقتصر على القنوات الفضائية فقط، بل على الإنترنت، وهو ما يشكل كارثة بكل المقاييس، لأن نسبة المشاهدة التى تحققها اللينكات المقرصنة للفيلم كان من الممكن أن تتحول إلى جمهور يدخل السينما، ويدفع قيمة تذكرتها التى تعود بالنفع على المنتج والضرائب والصناعة، لذلك يبدو السؤال عبثيا: أين الدولة من كل ذلك؟!
وماذا عن لجنة «محلب» رئيس الوزراء السابق؟ وماذا عن لجنة الدكتورة فايزة أبوالنجا؟ وماذا عن لجنة شريف إسماعيل رئيس الوزراء الحالى، ومن قبلها وقبلها لجان كثيرة تم تشكيلها، واجتمع أعضاؤها وخرجوا بقرارات لم ينفذ منها شىء؟!
ويبدو أن الكلام هذا مكرر أيضا، ولكن تلك هى دولتنا التى نعيش فيها، علينا أن نعيد ونعيد قد نجد فى يوم ما من يستمع ومن يدرك ومن يعرف أن السينما إذا كانت صناعة تحمل جزءا ترفيهيا فى جانبها، إلا أنها أيضا ذاكرة الشعوب، والتى تؤرخ لكل الأحداث الكبيرة والتحولات.. وترصد كل الظواهر المجتمعية هى حياتنا بمعنى آخر؟ السينما أو فن الصورة هو ما نعيش فى ظله حاليا.. وأنه لو تدركون لشىء عظيم لأنه يكشف ويعرى كل ما يحدث فى السياسة والمجتمع، أما السادة أعضاء اللجان المشكلة والمنبثقة من لجان أخرى كفاية عليهم بدلات حضور اللجان.. «وزى ما انتوا ما بتتعبوش من تشكيل اللجان إحنا كمان مش هنتعب من طرح الأسئلة».