برقة الزهور ونعومة الفراشات قدمت السندريلا سعاد حسنى فيلم "صغيرة على الحب" قبل 50 عاما، وتحديدا سنة 1966، وهو الفيلم الذى حقق نجاحا كبيرا وقت عرضه ولا يزال يحتفظ بمكانته وبرونقه رغم مرور كل هذه السنوات، وهو الأمر الذى يجعلنا نسأل عن سر عبقرية فيلم "صغيرة على الحب"، ولماذا لا نجد نماذج مشابهة فى السينما المصرية حاليا تقدم أعمالا استعراضية وغنائية برقى يشابه ما قدم فى "صغيرة على الحب"؟..
الناقد طارق الشناوى قال فى حديثه لـ"انفراد" إن فيلم "صغيرة على الحب" هو أهم أعمال المخرج نيازى مصطفى، وإن عبقرية الفيلم تكمن فى كونه شبيها بسعاد حسنى، مؤكدا أنه لا يمكن أن يقدم الفيلم دون سعاد حسنى لأنها الوحيدة القادرة على أن تقدم دور الطفلة وبنت العشرينات فى نفس الوقت ويتقبلها الجمهور ويحبها.
وأضاف الشناوى أن الفيلم حقق نجاحا كبيرا فى السينما، وجزء كبير من نجومية سعاد كان سببه فيلم صغيرة على الحب، خاصة أنها لم تكن مجرد فتاة صغيرة بضفائر وإنما كان لديها أداء راق ورائع فى تجسيد دور الطفلة.
أما عن اختفاء تلك النوعية من الأفلام حاليا فقال الشناوى إن الأمر يحتاج لظهور مواهب ليست موجودة حالياً مثل سعاد، وإنه العائق الوحيد أمام صناعة فيلم يضاهى فيلم "صغيرة على الحب" هو أنه لا وجود لسعاد أخرى بيننا.
أما الناقدة صفاء الليثى فتقول إنه من الصعب تقديم عمل يضاهى فيلم "صغيرة على الحب" لأنه بكل بساطة "معندناش" سعاد حسنى، إضافة إلى أن وقت إنتاج الفيلم كان هناك نوعية مختلفة من البشر يعملون فى السينما بروح طيبة وبشكل جماعى مؤلف ومخرج ومصور وموسيقيين ونجوم أيضا حتى الأدوار الثانوية كانت لامعة وكانت للسينما بريق.
وأضافت الليثى أن الأفلام إفراز للمجتمع وهو ما أظهره الفيلم فالجمهور وقتها كان لديه حس عال بالذوق والرقى وحب الفن، أما الآن فالاتجاه الى الفجاجة والسخافة، مشيرا إلى أن هناك انهيارا فى الذوق العام، مؤكدة أنه ليس تحسّرا على الماضى لكن الحقيقة أن الماضى كان أجمل بناسه وبذوق الجمهور وقتها وبعلاقتنا بالدين وبربنا، حيث كان كل ذلك فى وضعه الأجمل أما حاليا فهناك تطرف وكره للآخر وتعصب وسخرية من كل شىء، على عكس السخرية قديما، والتى كانت تقدم بطرافة شديدة دون تجريح.. وأضافت أن نموذج تحية كاريوكا فى فيلم "الفتوة" وكيف كانت المرأة "معلمة" تقف إلى جانب زوجها كان نموذجا حيّا، أما حاليا فالمعلمة أصبحت امرأة ترتدى ملابس عارية وتقول "كلام أبيح".
فيما كان للناقد رامى عبد الرازق نظرة مختلفة، حيث قال إنه ينقصنا الفكر والرؤية وراء العمل السينمائى، موضحا أن مصر لديها عدد كبير من "الجانات" والممثلات حتى ولو لا يمتلكن جمال الصوت كسعاد حسنى فلا توجد مشكلة، مشيرا إلى أن الفكرة هى أن هناك من يريد تقديم عمل يمجد من قيمة الفن وفى نفس الوقت عمل مغزول بصدق شديد، موضحا أن الرؤية فى تقديم عمل يجمع مواهب عديدة فى حدوتة لطيفة غير موجودة من الأساس، مشيرا إلى إننا حاليا نقوم بتقليد ما قدم فى الماضى أو نقلد أعمال من أجنبية أو ننحدر ونقدم أفلام المهرجانات و"هاتى بوسة يابت"، ونقحم مشاهد فرح وراقصة ويطرح كليب بالرقصة يسوق للفيلم وانتهى الأمر على ذلك، موضحا أن الأفلام فى الماضى "كانت حاجة عليها القيمة"، ولذلك كانت تعيش وحتى الآن لا تزال تحتفظ برونقها وتؤثر فى ثقافتنا وتتحكم فى مفردات كلماتنا بحوارنا الاجتماعى، وذلك رغم أننا لم نعِش وقت طرح الفيلم وإنما نعرفه فقط من التليفزيون.