نقلا عن العدد اليومى...
لماذا تربع عبد المطلب وعبد العزيز محمود ومحمد فوزى وأحمد عبد القادر والثلاثى المرح على عرش الأغنية الرمضانية؟ ولماذا خرج من القائمة كبار مطربينا عبد الوهاب وأم كلثوم وشادية؟
يختلف رمضان فى مصر، عنه فى أى مكان آخر فى العالم، ومن أهم أوجه هذا الاختلاف الأغانى الرمضانية بصوت عظماء الأغنية الرمضانية، وعلى رأسهم العبقرى محمد عبدالمطلب بأغنيته الشهيرة «رمضان جانا» الإعلان الرسمى عن شهر رمضان، والتى كتبها حسين طنطاوى، ولحنها محمود الشريف، وهكذا احتفل المطربون برمضان فى زمن الفن الجميل، ولم يستطع أحد من الأجيال التالية أن ينافسهم فى استقبال شهر الصيام.
عبدالمطلب.. وعبقرية الأداء فى رمضان جانا
تبدأ بــ«رمضان جانا وفرحنا به بعد غيابه وبقاله زمان.. غنوا وقولوا شهر بطوله غنوا وقولوا أهلا رمضان.. »، كلمات أغنية طلب، رغم بساطتها معبرة جداً وموصولة بنسيج الحياة، وتصل للوجدان، أما موسيقى مقدمة الأغنية، فتوحى بشرقية رمضان، حيث تتناغم أصوات آلات القانون، والناى والموسيقى، وتعطى إحساس مرور سنة، ويتناوب عبدالمطلب مع الكورال «رمضان جانا - قولوا معانا» فى الكوبليه الأول وحدث هذا التبادل أيضا بين المغنى والكورال «رمضان جانا - قولوا معانا» فى الكوبليه الثانى، وهذا يعمق الإحساس بقدوم الشهر الكريم.
ولكن تتجلى عبقرية عبدالمطلب عندما يقول: «من إمتى واحنا بنحسب لك ونوضب لك ونرتب لك «فتجد تطويلا فى إلقاء، نوضب لك»، لأن رمضان بالفعل يحتاج إلى استعداد وتوضيب خاص فى المنزل، والمأكل والمشرب والاستماع والمشاهدة، فهكذا أدرك المطرب الكبير، المعنى واستوعبه، فخرج فى أدائه الصوتى للأغنية، وحتى عندما يأتى ذكر المسحراتى فى الأغنية، نجد الطبلة تصاحب الكلمات: «يامسحراتى دق لنا تحت الشباك.. سمعنا.. وافضل غنى لنا، للفجر معاك».
ولمن لا يعرف، فقد ذكر مؤرخنا الموسيقى، الإعلامى الكبير الراحل، وجدى الحكيم، فى أحد أحاديثه، أن أغنية «رمضان جانا»، قال عنها عبدالمطلب إنها أهم من بيان المفتى، وأكد أنه لو أخذ جنيها عن كل مرة تذاع فيها لأصبح مليونيرا.
أغنية «رمضان جانا» التى غناها المطرب الشعبى محمد عبدالمطلب فى بداية الخمسينيات، أصبحت معلما من معالم شهر رمضان، وتبقى الأكثر شهرة وتداولا على مر العصور، ولمن لا يعرف، فقد تقاضى عنها عبدالمطلب مبلغ 6 جنيهات، والأغنية حققت شهرة واسعة، جعلت اسم وصوت المطرب الراحل عبدالمطلب، مرتبطين بشهر رمضان.
عبدالعزيز محمود.. مرحب شهر الصوم
العبقرى الآخر الذى لا نستطيع قضاء رمضان بدون سماع رائعته، هو الفنان عبدالعزيز محمود فى أغنيته الخالدة «مرحب شهر الصوم» كلمات محمد على أحمد، ولحن عبدالعزيز محمود، فالأغنية تبدأ بمقدمة موسيقية يظهر فيها بوضوح صوت الرق والناى، وهما من الآلات التى لهما تأثير كبير فى الوجدان، وتمنح المستمع الدفء الكامل، واسترجاع الذكريات الرمضانية واستدعائها.
أما عن الكلمات، فهى شاملة للأجواء الرمضانية والروحانيات «مرحب شهر الصوم، مرحب، لياليك عادت فى أمان.. بعد انتظارنا وشوقنا إليك جيت يارمضان.. مرحب بقدومك.. ونعيش ونصومك.. بعد انتظارنا وشوقنا إليك جيت يارمضان، إلى آخر كلمات الأغنية، فالوصف والتشبيه هنا فى محله، وكأن رمضان حبيب تنتظره حبيبته، أما فيما يخص اللحن فستجده بسيطا جدا، وطوال الأغنية نستمع لتبادل بين المغنى والكورال، وهذا التبادل أيضا كان موجودا فى أغنية عبدالمطلب ليعمق الإحساس أيضاً هنا.
ورغم أن أغلب الأغانى الرمضانية، ولدت من رحم الإذاعة، فإن تلك الأغنية غناها المطرب عبدالعزيز محمود فى أحد أفلامه، وكان لديه شركة إنتاج، حيث كان يفضل أن يقوم بنفسه باختيار الكلمات والألحان لأغانيه، ثم أهداها للإذاعة.
أشهر ديو رمضانى.. الراجل دا ها يجننى
ومن الأغانى أيضاً التى تعبر كلماتها عن واقع يعيشه كل بيت مصرى قبل موعد انطلاق الإفطار، أغنية «الراجل ده هايجننى»، التى كتبها حسين السيد، ولحنها العبقرى محمد الموجى، وغنتها صباح مع فؤاد المهندس فى أشهر أغنية دويتو رمضانى، فهذه الأغنية تدخل فى باب النقد الاجتماعى، فالزوجة من البداية على وشك الجنون، من تصرفات وأفعال زوجها والتى تراها تتناقض تماماً مع روح رمضان، وهذا هو سر جمال الأغنية واتسامها بالروح المرحة، فالدويتو بين صباح والمهندس دمه خفيف جدا، بناء على الكلمات المرحة أيضاً والمعبرة، فصباح تبدأ: الراجل ده حايجننى.. طير مفاتيح عقلى منى هايجننى.. ييجى رمضان وخناقه يزيد.. عايز طباخة سكة حديد.. اللحمة 3 تشكال.. وطيور بجنيه وريال.. ويوماتى رز ومكرونة.. وكنافة باللوز وعلب تونة.. غير السلطات والمحشيات والمشويات والحلويات»، إلى آخر الأغنية بكلماتها التى نحفظها ونرددها سنجد الموجى لحنها بطريقة «الرستاتيف»، وهى الطريقة التى تتناسب مع كوميديا فؤاد المهندس فى كل أغانيه التى كان يغنيها.
وحوى ياوحوى.. المطرب أحمد عبدالقادر
رابع الأغانى التى تعبر عن فرحة رمضان وتربطه بالفانوس أغنية «وحوى ياحوى» كلمات حسين حلمى المانسترلى ولحن أحمد شريف وغناء المطرب القديم أحمد عبدالقادر، وتقول كلماتها: وحوى ياوحوى، إياحا رحت ياشعبان إياحا، وحوينا الدار جيت يارمضان، هل هلالك والبدر آهو بان شهر مبارك، وبقاله زمان، محلا نهارك بالخير مليان».
ويحكى التاريخ أن جوهر الصقلى وزير المعز لدين الله الفاطمى، كان فى استقبال المعز بالقاهرة، وأعد له موكبا كبيرا، امتد من شارع بين القصرين إلى مخارج القاهرة، حيث وقف الأطفال يمسكون الفوانيس الزجاجية، وأثناء وقوفهم كان أتباع الصقلى يوزعون عليهم الحلوى، وكانت هذه المناسبة، بداية انطلاق الأغنية الشهيرة، «اللى بنى مصر كان فى الأصل حلوانى»، حيث تم الربط بين جوهر الصقلى، الذى بنى القاهرة وبين توزيع الحلوى، وفى هذا الجو بزغت أغنية «وحوى يا وحوى»، كواحدة من أبرز الأغنيات التى نستهل بها الشهر الكريم، ودشنت ببزوغها أول أغنية رمضانية شعبية، كما يؤكد المؤرخون، وإن كانت هناك مصادر أخرى تؤكد أن هذه الأغنية يرجع تاريخها إلى العصر الفرعونى، ويدللون على كلامهم بأن كلمة «اليوحة» مأخوذة من كلمة «ايوح» والتى تعنى اسم القمر لدى الفراعنة.
عبقرية هذه الأغنية تكمن فى أداء المطرب أحمد عبدالقادر، والعُرب التى يمتعنا بها، فى المقطع الذى يقول فيه: «طول مانشوفك قلبنا فرحان.. كتر خيرك أشكال وألوان.. بكره فى عيدك نلبس فستان، وقوله أيضاً «هاتى فلوسك ياختى يا إحسان.. آه ياننوسك فى ليالى رمضان.. ماما تبوسك وباباكى كمان».
والمطرب أحمد عبدالقادر مطرب «وحوى ياوحوى» الذى يجهله الكثيرون منا، هو أول من غنى لنزار قبانى، وكان سيغنى أغنية «رمضان جانا وفرحنا به بعد غيابه»، لكنه تنازل عنها لعبدالمطلب، وهذا المطرب واكب افتتاح الإذاعة المصرية، وغنى العديد من الأغانى بصوته، إلا أن أيا منها لم ينل شهرة «وحوى ياوحوى».
«أهو جه ياولاد» الثلاثى المرح
أغنية «أهو جه يا ولاد» من الأغنيات المبهجة بقدوم شهر رمضان، وغناها الثلاثى المرح «سهام توفيق وصفاء لطفى وسناء البارونى - شقيقة الفنانة سهير البارونى»، اللاتى جمعتهن حديقة معهد الموسيقى، وفرقهن الزواج، وأغنيتهن أصبحت من أكثر الأغنيات التى تنشر الإحساس بالبهجة والفرح فى شهر رمضان، والملحن على إسماعيل الذى تبنى موهبتهن، هو الذى أطلق عليهن اسم «الثلاثى المرح»، ولحن لهن العديد من الأغانى، وأيضا الملحن أحمد فؤاد حسن، الذى تزوج من سهام توفيق، فيما بعد، واعتزلت الغناء بعد زواجها منه.
أغنية «أهو جه ياولاد» للشاعرة نبيلة قنديل، زوجة الملحن على إسماعيل، وكان محمد على الشجاعى من أشد المعجبين به، فأوكل إليه تلحين الأغنية على أن يغنيها الثلاثى المرح، حيث رأى الشجاعى أن كلمات الأغنية لا تصلح أن يغنيها مطرب واحد، وتشير بعض المصادر إلى أن الملحن على إسماعيل تقاضى 20 جنيها عن تلحين هذه الأغنية، أما الثلاثى فكان أجرهن معا 140 جنيها.
«هاتوا الفوانيس.. محمد فوزى»
ومن كبار مطربينا الذى غنى لرمضان، الفنان محمد فوزى، عندما غنى «هاتوا الفوانيس ياولاد» التى كتب كلماتها عبدالعزيز سلام ولحنها محمد فوزى ليغنيها مع الأطفال، حيث كان هذا الشكل الجديد الذى قدمه فوزى فى «ماما زمانها جاية»، و«ذهب الليل» ولقى نجاحا كبيرا، ومحمد فوزى لم يكن يأخذ أجرا عن هذه الأغانى، وكان يهديها للإذاعة.
كبار مطربينا ومشاهيرهم من أمثال محمد عبدالوهاب وأم كلثوم ومن بعدهم عبدالحليم حافظ، لم يقدموا أى أغنية رمضانية، وحده فريد الأطرش، الذى قدم رائعة بيرم التونسى «هلت ليالى حلوة وهنية ليالى رايحة وليالى جاية فيها التجلى دايم تملى، ونورها ساطع من العلالى»، وقد أبدع الأطرش فى أداء هذه الأغنية التى تحمل كلمات معبرة ومضامين قوية، بالإضافة للحنها الواضحة فيه بصمة فريد الأطرش، وإيقاعه فى كل أغانيه وتقطيعه للكلمات.
اختيار هذه الأغانى كأشهر الأغانى ليس معناه أنها الوحيدة المعبرة عن الشهر الكريم، ولكنها الأشهر لدى الناس، ولكن هناك حوالى أكثر من 60 أغنية عن رمضان، أذكر منها «باب الغفران» لليلى مراد و«بشراك ياصايم» لمحمد فوزى و«فرحة رمضان لشهر زاد»، «عمك رمضان» للمجموعة، «أهلا رمضان» للثلاثى المرح، «رمضان» لشافية أحمد، «رمضان» لعباس البليدى و«ياولاد حارتنا اتلموا لهدى سلطان و«حلو ياحلو» لصباح و«كريم المعانى» لفايزة أحمد، ولها أيضا «الشهر الكريم»، و«كريم ياشهر الصيام» لنجاة، و«مدنى جامعنا» لشادية و«الأيام الحلوة» لشريفة فاضل، بالإضافة إلى تحفة أواخر رمضان «والله لسه بدرى»، و«الليالى الحلوة» لوردة، و«رمضان له فرحة» لمحمد رشدى، وله أيضا «يا بركة رمضان» و«فرحة رمضان» لسعاد محمد و«شهر الكرم» لأحمد سامى و«هل هلالك» لعايدة الشاعر و«ليالى رمضان» لمحمد العزبى و«رمضان كريم» لكمال حسنى و«هل هلالك» لسيد إسماعيل و«أفراح رمضان» لهدى زايد وأيضاً: «رمضان يارمضانى» لعفاف راضى و«الله على أجمل شهر» لنادية مصطفى، ولها أيضا «يا كريم يا شهر الصوم» و«الشمعة والفانوس»، لشيرين وجدى و«يا مرحبا بك» لإيمان الطوخى و«رمضان فى مصر» لمحمد ثروت، و«ياضيف عزيز» لرياض الهمشرى و«أغلى الشهور يارمضان» لسوزان عطية، وغيرها.. ومن المطربين العرب: «شهرنا السمح» لوديع الصافى و«نوّر يافانوس» لطروب، و«هل هلالك يارمضان» للمغربى عبدالوهاب الدوكالى، و«ياشمعدان السنة» للتونسية عليا.