ملحوظة أولية:
لا حديث يعلو فوق حديث المسلسلات والإعلانات فى رمضان، فكل الأحداث حتى السياسية والاقتصادية وغيرها من حكايات حتى الإرهاب تتضاءل أمام وهج المسلسلات والفائزين أو الخاسرين بأعمالهم، وأمام طوفان الإعلانات التى يتم إنتاجها خصيصاً لتُعرض فى هذا الشهر، فكما تحدث تخمة طعام فى بطون المصريين فى شهر هو المفترض للصوم والزهد، تحدث أيضاً تخمة إعلانية ودرامية، ومن العجب أن الحديث عن الدين والتدين والالتزام بالفروض الدينية لم يعد فقط مهمة رجال الدين بل تداخل فيه صُناع الدراما من منتجين وممثلين، صاروا كما يقدمون الدراما يقدمون أيضاً النصيحة الدينية لمشاهديهم، فيطلبون منهم عدم السماح بترك فروض الصلاة لمتابعة مشاهدة مسلسلاتهم، كما فعل الممثل يوسف الشريف وبعض المنتجين، وهى إشارة لحال مجتمع مأزوم لا اللى ماشى ماشى ولا اللى قاعد قاعد ولا الممثل والمنتج صار مكتفياً بمهنته، كما رجل الدين الذى ما عاد يكتفى بموقعه، ولكنه يريد أن يأخذ كل موقع بما فيه مهمة الناقد للأعمال الفنية وغيرها.. مجرد ملحوظة أولية وجب التنويه لها.
المرأة الأولى يسرا
هى نجمة بلا شك تتربع منذ سنوات على عرش نجومية خاصة فى السينما، وحين بدأت هجرة بعض نجوم السينما للتليفزيون لأسباب كثيرة لسنا فى مجال سردها، وجدت لها مكاناً متميزاً كما كان لها فى السينما التى لم تغب عنها أيضاً، وعاماً وراء عام صارت من بين النجوم الذين ارتبط اسمهم بالظهور الرمضانى، فكانت دائماً جزءا من السباق، ولكن بدأ منذ سنوات قليلة بريقها يخفت، لأنها ما عادت فى عيون المشاهدين تقدم لهم الجديد الذى يدفعهم لمتابعتها، فملامح الشخصيات التى تقدمها كانت تتشابه مما ينفى عن أعمالها صفة الدهشة أو الترقب، وهى أول وأهم أسباب نجاح أى عمل حتى غير فنى، وتصور الكثيرون أن زمن نجومية يسرا قد ولى، وربما فى الأعمال المقبلة لن توجد إلا تحت عنوان الممثلة القديرة، وهو للأسف لقب يُعطى فى مصر رغم قيمته، لنجوم ولى زمانهم وتجاوزتهم نجوم شابة طازجة.
وقبل رمضان كانت الأخبار تتوالى عن الأعمال الدرامية واسم يسرا التى غابت العام الماضى يُذكر هذا العام، وكان التوقع أو السؤال ماذا ستقدم يسرا، وهل ستستطيع أن تظل نجمة رغم الخفوت أم أن هذا الموسم سيكون ربما الأخير أو حتى ما قبل الأخير لها؟
وجاءت الإجابة فوق مستوى الشبهات والتوقعات، فيسرا تنفض عن نفسها رداء أداء نمطى لسنوات، لتقدم شخصية مركبة صعبة الأداء تحمل كثيرا من الدهشة والترقب لدى المشاهد، متسلحة بمخرج هو الآخر طال غيابه، وهو هانى خليفة، وسيناريو محكم جيد التفاصيل. يسرا تتقدم الصفوف رغم شرها وكل من حولها يفسح لها الطريق لتكون نجمة قديرة بالمعنى الصحيح لا بالمعنى المصرى المعتاد فى تترات الأفلام أو المسلسلات.
المرأة الثانية نونيا الشهيرة بلبلبة
دخلت عالم الفن وهى طفلة تغنى وترقص وتمثل، ثم كبرت البنت اللهلوبة فصارت لهلوبة أكثر حين برزت فى تقليد كبار المطربين والفنانين، وتلك موهبة جيدة ومتفردة، لكنها لا تسمح لصاحبها أن يحيا طويلاً على القمة، فأكملت مسيرتها فى التمثيل، ولكن بلا بصمات كبرى إلا أدوار فى أفلام كوميدية خفيفة أغلبها لا يبقى فى الذاكرة، وأتت أجيال شابة وكان المتوقع أن تدخل فى خانة الفنانة القديرة بالمنطق الفنى المصرى على التترات، فإذا بمخرج سينمائى مبدع لم يعش طويلاً، وهو عاطف الطيب يمنحها دورا فى فيلمين له، هما ليلة ساخنة، وضد الحكومة، فيكتشف المشاهدون أن نونيا الشهيرة بلبلبة لن تنتقل بعد لخانة الفنانة القديرة أو الكبيرة لأنها ما زالت تحمل المدهش والجديد.
وتمر أعوام بلا دهشة أو ترقب من المشاهد لأعمال لبلبة الفنية القليلة التى تقدمها، فيتصور أى متابع أن لبلبة بالتأكيد لا بد أن تنتقل لخانة الفنانة القديرة، ولكن ها هى من خلال دورها فى مسلسل مأمون وشركاه تحرز هدفاً، وربما هو الهدف الوحيد فى الجون لهذا المسلسل حتى الآن، فلبلبة تقوم بدور مختلف تماماً شكلاً ومضموناً عن كل من قدم من قبلها، شخصية الموظفة كبيرة السن المطحونة، فنجماتنا وحتى أغلب ممثلاتنا قليل منهن جداً من تمنح شخصية العجوز حتى لو كانت هى نفسها واقعيا سيدة عجوز بملامح وأداء السن للشخصية، ولكن فعلتها لبلبة دون أن ترمش لها عين.
لبلبة التى عاصرت أجيال وأجيال لا تزال نجمة، ولم تنتقل لخانة فنانة قديرة بالمنطق المصرى، لأنها قديرة بالمنطق الفنى.
أنوشكا
قسمت هانم محبة للسلطة والنفوذ
الفنانة «أنوشكا» أصبحت هى الأخرى واحدة من الممثلات «التقال» حيث تقدم دور «قسمت هانم» فى مسلسل جراند أوتيل، فهى المرأة القوية المحبة للنفوذ والسلطة والسيطرة أيضا على بناتها، التى تتحكم فى مصائرهم، الأمر اaلذى وصل بها إلى خداع زوج ابنتها «ندا موسى» وإيهامه بأنها لا تزال حامل رغم سقوطها من على السلم وإجرائها عملية استئصال الرحم، وانتظارها لولادة دينا الشربينى، التى حملت من خطيب ابنتها الثانية دون علمها لتستمر فى خداعها لزوج ابنتها ندا موسى، باعتبار أن ابنتها هى من أم الطفل الذى ستضعه دينا الشربينى، وهى المرأة التى لا تجد أى مشكلة فى دفع أحمد داوود للقتل لحل مشكلات الفندق والمشكلات التى تسبب فيها أحمد داوود لنفسه نتيجة علاقاتها النسائية المتكررة والمتعددة مع الفتيات العاملات بالجراند أوتيل.
هالة صدقى
انشراح.. قبضة حديدية على أسرتها بالكامل
الفنانة هالة صدقى تجسد شخصية انشراح فى مسلسل «ونوس» مع الفنان القدير يحيى الفخرانى، فهى الأم الصابرة القوية التى تعبت فى تربية أبنائها بعد هجرة زوجها، وظلت رافعة الرأس شامخة لا تمد يدها لأحد، وهو ما جعلها تتحول إلى امرأة شرسة بعد دخول ونوس إلى حياتها، ومحاولة تقريب أبنائها من والدهم الذى هجرهم منذ سنوات طويلة، لتتحول انشراح لوحش كاسر يهاجم كل من يحاول هدم ما بنته فى السنوات الطويلة، التى ظلت فيها هى الأب والأم فى وقت واحد لتضع يدها بقبضة حديدية على أولادها.
سوسن بدر
«الست سكينة» المتحكمة..
تذخر دراما رمضان 2016 بعدد من النماذج لسيدات لا يصفن إلا بأنهن «ستات جبروت»، ومن هذه النماذج الفنانة سوسن بدر، وهى النجمة التى تظهر بثلاثة وجوه «فضة» فى مسلسل «يونس ولد فضة»، و«بدرية» فى مسلسل «أفراح القبة»، و«سكينة» فى مسلسل «جراند أوتيل»، والثلاثة نماذج تعبر عن تلك الحالة، فهى «الست سكينة» التى تتحكم فى حياة العاملين بفندق «جراند أوتيل» وتحاسبهم على «النفس الداخل والخارج» تمنعهم من الضحك والنظر حتى فى عيون ضيوف ونزلاء الفندق، وتسببت فى تحويل ابنها «أمين» الذى يجسد دوره محمد ممدوح إلى شخصية ضعيفة تابعة لها، أما فى مسلسل «أفراح القبة» فهى «بدرية» المرأة القوية التى تتحكم فى مصير بناتها الثلاثة رانيا يوسف، ومنى زكى، ودينا الشربينى، ولا تجد غضاضة فى أن تبيع ابنتها سنية «رانيا يوسف» إلى أحمد السعدنى ليتزوجها، ويجعلها تعمل فى كباريه راقصة ويتقاسما المكسب سويا، وهى المرأة التى جعلت السعدنى يطلق زوجته لإتمام الزيجة بينه وبين ابنتها، وهى أيضاً التى قالت لابنتها دينا الشربينى، التى ستبدأ أول يوم عمل فى إحدى الجرائد «اوعى تتخدعى فى اللى لابسين بدل.. دول أوسخ من اللى لابسين جلاليب هنا فى الحارة ولا تدى الأمان لنسوان الجرنان الواحدة تقول للحرباية قومى وأنا أقعد مطرحك، وقبل ما تخطى أى باب مكتب لازم تعرفى إن كل الرجالة كلاب ليه نرمى لهم لحمة لما ممكن نرمى لهم عضمة»، وهو ما دفعها إلى أن تفتح قميصها لتظهر مفاتنها قبل دخولها إلى رئيس التحرير، وهى المرأة التى توافق على دفع رجالة الحارة «فلوس» مقابل رؤية جسد ابنتها «سنية»، وهو نفس الأمر فى دورها بمسلسل «يونس ولد فضة»، حيث تجسد شخصية المرأة الصعيدية القوية، التى تبرع فى إخفاء مشاعرها، رغم حبها لزوجها الذى يجسده عبدالعزيز مخيون، والذى رفض أن يُعرف ابنها «يونس» لعائلته الكبيرة، حتى وفاة الطفل متأثرا بسم عقرب، إلا أنها دبرت حادث مقتله من خلال تحريضها لأحد مساعديها أن يتلف «فرامل» سيارته وبالفعل توفى.
يسرا
رحمة «الشر يقولها يا شيطانة»
النجمة يسرا التى تجسد دور «رحمة حليم» فى مسلسل «فوق مستوى الشبهات»، «الشر» يقولها يا «شيطانة»، امرأة جبروت هى الأخرى تعرضت لمشكلات فى الصغر ربت لديها «عقد»، فكرست حياتها للانتقام وقهر كل من عرضها للأذى، وهو سبب كاف ليجعلها تقتل أحد الأطباء النفسيين وتسجن زوجها «سيد رجب» لمدة 5 سنوات، وتتعامل مع والدتها «ليلى عز العرب» مريضة الزهايمر بقسوة وشدة دون رحمة، رغم أنها اسم شخصيتها بالعمل رحمة حليم، طبيبة التنمية البشرية، التى لا تحمل من صفات اسمها شيئا.
صبا
ممثلة المسرح المغرورة والمرأة المتكبرة التى لا تعشق إلا نفسها
«أفراح القبة» هو حالة فنية متفردة بين مسلسلات رمضان هذا العام، لما يضمه من كوكبة كبيرة من نجوم الدراما، تحت إدارة مخرج متمكن من أدواته، إلى جانب أن العمل مأخوذ من أحد روائع الأديب الراحل العالمى نجيب محفوظ. صبا مبارك واحدة ممن لفتن الانتباه إليها بدورها «درية»، تلك الفنانة المسرحية، نجمة فرقة «الهلالى» صاحبة الشخصية القوية، والمغرورة المتعالية، التى تجسد دور البطولة فى كل الأعمال المسرحية التى تقدمها الفرقة. لم تقدم صبا مبارك دور النجمة المسرحية المتعالية بشكل تقليدى، ولكنها استطاعت بشخصيتها المركبة أن تعبر عن الجانب النفسى فى تلك الشخصية، حيث تقع فى صراع نفسى ما بين غرورها الفنى، وبين الدور الذى تجسده فى مسرحية «أفراح القبة». برعت صبا فى دورها، بانفعالات تتلاءم جيدا مع شخصية المرأة المتعالية والجبارة، التى ترى عرشها يهتز بين قدميها وعلى يد ممثلة صاعدة، فنرى ثقة فى النفس مزيفة، وكبرياء مصطنع، وأنانية شديدة، ظهرت فى بحثها عن متعلقاتها التى وجدت لدى تحية.