البدو والنوبيون فى رمضان.. صورة سطحية وغير متعمقة فى مجتمعهم وعاداتهم
الناقد طارق الشناوى: كل الأعمال تناولت البدو والنوبيين بشكل سطحى ونحن مقصرون أيضًا ومذنبون تجاههم
الناقد نادر عدلى: النوبيون ظهروا فى الأعمال الفنية بصورة مثالية دون التعرض لحياتهم.. والبدو يظهرون فى الأعمال البوليسية ضمن مشاهد الأكشن فقط
تتناول الدراما فى معظم أعمالها، سواء كانت تليفزيونية أو سينمائية، شخصيات ينتمون لمجتمع البدو والنوبيين، والحقيقة التى لا بد من الوقوف أمامها، هى أنه لا يوجد عمل درامى قدم عن النوبة وأهلها، خاصة عن حياتهم وعاداتهم وثقافاتهم، أما الملامح المتوفرة بكثرة فى معظم الأعمال السينمائية فهى شخصيات للبواب أو السفرجى، أما البدو فتناولتهم الأعمال الفنية البوليسية بشكل أكبر على أنهم تجار سلاح ومخدرات، أو يتحكمون فى الداخل والخارج فى منطقة سيناء والصحراء.
وشهدت دراما رمضان هذا العام تناول مسلسلى «القيصر»، و«المغنى» للكينج محمد منير، للبدو والنوبيين فى أحداثهما، كجزء من الأحداث الدرامية دون الدخول فى جوانب حياتهم والاجتماعية، وكان متوقعًا أن يظهر «منير» أهل النوبة التى ينتمى إليها ضمن أحداث مسلسله الذى يحكى قصة حياته، لكن طريقة تناولهم لم تسعدهم بل أثارت غضبهم بسبب مشاهد تهجير أجدادهم التى تخللتها وقائع مخالفة للحقيقة والتاريخ، حيث تم تهجيرهم وهم يبتسمون ويحملون صورًا للرئيس الأسبق جمال عبدالناصر خلال إبعادهم عن منازلهم لبناء مشروع السد العالى فى بداية ستينيات القرن الماضى.
مؤلف «القيصر» محمد ناير علّق لـ«انفراد» على تناوله شخصيات بدوية فى العمل قائلًا: «لم نقل فى الأحداث إن كل البدو مسلحون أو يساعدون الإرهابيين، وحتى شخصية أبوراغب تاجر السلاح التى يقدمها الفنان أحمد حلاوة لم يتم توضيح انتمائه للبدو، بالعكس هو الذى يسيطر على الأهالى ويعذبهم، وعندما يحاول الأمن مساعدتهم فإن حلاوة لا يتردد فى ذبحهم عندما يعلم باتفاقهم مع الأمن، كما أظهر المسلسل أن هناك بعض الشخصيات البدوية التى تستغل موضوع الأنفاق الموجودة عندهم فى الصحراء.
وأشار «ناير» إلى أنه إذا ذكر وجود طرف إرهابى داخل القبائل البدوية، فهذا ليس المقصود به أن كلهم إرهابيون، وفى النهاية البدو جزء ونسيج من مجتمعنا، ونتعرض له فى الدراما، وحقيقة لم يكن لى مرجع معين لهذه الشخصيات، لأن «القيصر» لم يتبحر فى المجتمع البدوى، وتم تناوله فى مشاهد سيناء التى كانت مبنية على الأكشن، مؤكدًا أنه لا يقدم عملًا عن البدو. من جانبه أكد الناقد طارق الشناوى أن «المجتمعين البدوى والنوبى يعدان أقليات فى المجتمع المصرى، وحتى عندما ذهبنا إلى أسوان فى مسلسل «المغنى» لمحمد منير الذى ينتمى إليهم، ومن المعروف أن هذا المجتمع له طقوس ولغة خاصة، لم يكن ابنهم مخلصًا لهم ولم يقدمهم بالشكل المنتظر، ولكن فى الوقت نفسه أعتقد أن فيلم «نوارة» للمخرجة هالة خليل تم فيه تقديم الشخصية النوبية والعائلة والطقوس وزواجهم من بعضهم، فهى اقتربت من تفاصيل مهمة ولكن هذا شىء بسيط أمام المطلوب، ولذلك فكل الأعمال تناولتهم بشكل سطحى».
وأضاف «الشناوى»: «بالنسبة للبدو فنحن مقصرون أيضًا معهم فى الدراما ومذنبون فى الوقت نفسه، لأننا نظهرهم دائمًا على أنهم مهربون ويتاجرون فى السلاح والمخدرات ولا يوجد لديهم أى ولاء للدولة، ومن المفترض أن تقدم مسلسلات تتناول تلك المجتمعات ذات الخصوصية، والفن يأتى من الخصوصية، فلماذا تحرم نفسك من هذه الملامح، وذلك يعد تقصيرًا».
الدراما المصرية مقصرة فى هذا الشأن من الناحيتين، ومن المفروض أن الدراما دورها تقييم مصر كلها، فلماذا يُستثنى من مصر النوبيون والبدو؟
الناقد نادر عدلى أكد: «لا نستطيع الجزم بأن مسلسلى «القيصر» و«المغنى» اقتربا من عالم المجتمع البدوى أو النوبى، فبالنسبة لمحمد منير كان جزء من اهتمامه أن يقدم وجهة نظره، وجزء من سيرة حياته، والذى يقترب من أصله النوبى دون اجتهاد حقيقى فى كتابة العمل، ونقل صورة للنوبيين فيه، فهو مطرب من أصل نوبى يسرد حياته، ومن الممكن أن يلتقط بعض المواقف أو العادات، لكن لا نستطيع القول بأن مسلسله كاشف لطبيعة الحياة النوبية».
وأضاف «عدلى»: «فى الدراما بشكل عام الشخصية النوبية ظهرت فى عشرات الأفلام المصرية، وصفاتها شديد الأمانة والوفاء مثالية جدًا، ولكن دون التعرض لحياتهم، وكان مجرد شخص يعمل فى مصر، وهذا أغضب النوبيين أحيانًا لأنهم كانوا يظهرون فى الأعمال فى مهن يرونها أقل بكثير من قدرات المجتمع الخاص بهم، فمنير مسألة عَرَضية لأنه من أصل نوبى وليس مهمومًا بطرح قضيتهم عمومًا».
وأشار «عدلى» إلى أنه بالنسبة للبدو فى مسلسل «القيصر» تكاد تختفى صورة الأعرابى أو القبائل العربية هذا العمل، وتم استخدام الأشخاص البدو فى المشاهد البوليسية وإطلاق النيران على أساس أن جزءًا من الأحداث يدور فى سيناء ومدينة رفح المصرية، لكن الشخصيات التى قدمت مطموسة، ليست لها أى أبعاد من أى نوع أو اتجاهات، متسائلًا هل هم الذين يهربون السلاح، أم يتعاونون مع الأمن؟، فبمجرد انتهاء مشاهد الأكشن والحركة انتهى دور هذه الشخصيات فى العمل.
وتابع «عدلى»: «بشكل عام صورة البدو قدمت سابقًا فى شخصية تاجر مخدرات بفيلم «المصلحة»، وقتها غضب السيناويون واعتبروا ذلك إساءة لهم، إلا أن الفيلم يحمل الطابع البوليسى، فلم يتوقف عند تفاصيل حياتهم وتقاليدهم المجتمعية بشكل عميق، أما لو عدنا بالزمن إلى الوراء فسنجد أن فيلم «أرض السلام» للمخرج كمال الشيخ قدم صورة شديدة الجمال عن تقاليد البدو وعاداتهم ودفاعهم عن أراضيهم».