لا يخلو عمل من أعمال رمضان الدرامية من مشاهد كان يمكن حذفها أو الاستغناء عنها، حتى أصبح من الثوابت فى مسلسلات رمضان أن تكون سمتها الأساسية هى المط والتطويل فصناع الدراما تحولوا إلى «ترزية» يفصلون المسلسل على " بترون " واحد مقاسه 30 حلقة سواء أكانت الأحداث تسمح بذلك التطويل وتحتاج إليه أم لا وصار من الثابت أيضا أن تمضى عدة حلقات من المسلسل دون أن يتغير شىء فى خط الأحداث ولا يطرأ أى تغيير على الشخصيات والموضوع فمتى سيعود مسلسل الـ 15 حلقة ؟ التى حققت نجاحا كبيرا ولو عدنا بالأذهان للأعمال الناجحة التى أثرت فى المشاهدين سنجدها كانت " 15 " حلقة ومنها مثلا "المال والبنون" الجزء الأول و"رأفت الهجان" الجزء الأول و"أحلام الفتى الطائر" و"نصف ربيع الآخر" وأيضا قدمت ليلى علوى تجربة ناجحة من خلال دراما الـ15 حلقة بمسلسل "حكايات وبنعيشها" وقدمت منه 4 أجزاء كل منها 15 حلقة تم عرضهم فى عامين متتالين، وغيرها من الأعمال.
متى سيتخلى المنتج عن الحسبة الإنتاجية التى لابد له فيها أن يغطى عدد الحلقات شهر رمضان كاملا حتى يضمن مع القناة الفضائية العارضة للمسلسل الحصول على الإعلانات الكافية التى تغطى التكلفة ؟؟
مسلسلات «مأمون وشركاه» لعادل إمام و"سقوط حر" لنيللى كريم" و"ونوس" ليحيى الفخرانى و"أفراح القبة" لمنى ذكى و"الخانكة" لغادة عبد الرازق وغيرها من مسلسلات رمضان هذا العام "قماشات" جيدة لكنها لا تستحق الـ30 حلقة والكثير من حلقاتها مجرد "حشو" ومط وتطويل فمثلا مشاهد الفنان خالد سرحان التى كان فيها بإيطاليا استغرقت أكثر من حلقة وكانت من الممكن أن تختصر فى مشهد أو مشهدين وبعدها يعود خالد سرحان لبيت والده مثلما حدث مع بقية أفراد اسرة مأمون فلماذا استغرق المؤلف فى "فرشة" كبيرة فى إيطاليا ليعود بعدها خالد سرحان.
وبرغم الإبداع الحقيقى الذى صنعه الكاتب عبد الرحيم كمال والمخرج شادى الفخرانى فى مسلسلهما "ونوس" إلا أن العمل مرت حلقات كثيرة منه دون سرعة وتطور فى أحداثه التى توقفت بعد الحلقة الثانية عشر تقريبا وتجد هناك حلقات ليست إلا نقاشات وهناك حالة من البطء فى مرور الحدث وانتفى عنصر التشويق الذى كان مع بداية العمل برغم أن المسلسل أحد أفضل المسلسلات على صعيد الإخراج والتصوير والحوار والأداء بين الممثلين.
نفس الأمر بالنسبة لمسلسل "أفراح القبة" ففكرة العودة للماضى مرارا وتكرارا والبطء فى مرور الحدث ما بعد الحلقة الخامسة عشر والحوارات المطولة كانت آفة اصابت بعض مشاهدى العمل ــ وأنا واحد منهم ــ بالملل ونفس الأمر بالنسبة لمسلسل "سقوط حر" للنجمة نيللى كريم فالـ مط والنمطية وبطء الأحداث سمة غالبة على المسلسل فقد عرفنا منذ الحلقات الاولى من المسلسل أن نيللى كريم "ملك" متهمة فى قتل شقيقتها وزوجها، وأصبحت نزيلة إحدى المصحات بسبب إصابتها بصدمة جعلتها لا تستطيع التحدث أو التحكم فى أية من أجزاء جسدها كل هذه كانت أحداث تمهيدية للعمل ولكن بعدها لم يحدث تطور في أى حدث بالمسلسل بل التطور فقط فى حالة "ملك" التى عادت للتحدث بشكل طبيعى ولكنها مازالت تتعرض لبعض الصدمات النفسية فالمخرج والمؤلف ظلا طوال 15 حلقة فى استعراض الحالات المختلفة للمرضى داخل المصحة بمشاهد وحوارات من المؤكد أنها مؤثرة وقوية ولكن أين تطور الحدث فالغوص فى النفس موضوع مهم ولكنه لن يصنع دراما متطورة والجمهور لن يستطيع تحمل كل هذا القدر من الكآبة ويهمه سرعة الأحداث وكان من الأفضل توافر ما يجذب المشاهد الذى لا ينتظر من المسلسل سوى معرفة هل فعلًا ملك من قامت بقتل شقيقتها وزوجها أم هى مظلومة ؟
المط والتطويل أيضا أصاب مسلسلات "الخانكة" لغادة عبد الرازق و"أزمة نسب" لزينة و"وعد" لمى عز الدين وعلى عكس ذلك تماما سنجد مسلسل "الأسطورة" لمحمد رمضان متطور دراميا وأحداثه متلاحقة جدا فكل حلقة تحمل حدثا جديدا والأحداث تتطور بشكل سريع جدا وأيضا مسلسل " القيصر " ليوسف الشريف فقد حلقة تحمل مفاجأة للجمهور وسر تكشفه الأحداث.
رغم المطالب الكثيرة واللجان التى عقدت فى اتحاد الإذاعة والتليفزيون طوال الأعوام الماضية التى أوصت بضرورة العودة فى أسرع وقت ممكن إلى مسلسلات الخمسة عشر حلقة، وأيضا السباعيات؛ لضمان تكثيف الأحداث والابتعاد عن الحشو والمط والتطويل والافتعال فى العديد من المشاهد إلا أن هذه الآراء ضرب بها عرض الحائط ومازال أصحاب المسلسلات الدرامية يصرون على تقديم أعمالهم فى " 30 " حلقة بدعوى أن الجهات المنتجة للأعمال تلزم المؤلف بتسليم ما لا يقل عن 22 ساعة ونصف وأن هذا الأمر يسهل التعاقد على تسويق المسلسلات.
الشكل التقليدى فى الكتابة والوصول لـ30 حلقة بأى شكل حتى لو كانت الأحداث لم تكتمل هى مرض أصاب أغلبية مسلسلات رمضان فالمؤلفين يفتعلون أحداثاً وقد تكون مسلسلات النجم الأوحد هى السبب فى شعور المشاهد بحالة المط والتطويل وهو ليس سوى تعبير عن الإفلاس وإهدار قيمة الدراما نفسها، التى يفترض أنها تعتمد على حبكة تجذب المشاهد وتجعله يتابع حلقة بحلقة وينتظر بشوق الحلقة القادمة، لكن هناك مسلسلات تترك منها 5 حلقات مثلا ولا تجد أنه قد «فاتك» الكثير وهذا إن دل فإنما يدل على المط والتطويل بدون داع.
وهناك موضة "المط المستتر"، والذى يتمثل فى أن مخرج العمل يضع لقطات من حلقات سابقة فى بداية الحلقة الجديدة بحجة أن يذكر الجمهور بما تم عرضه فى حلقات سابقة وهى تستغرق وقتا من زمن الحلقة لا داعى له لأن المشاهد الذى يتابع المسلسل من المؤكد يتابعه يوميا ولا يحتاج لتذكرة بما سبق وهذا الأمر أصاب جمهور المسلسل بالملل فما الجدوى من متابعة حوالى 10 دقائق قديمة فى بداية كل حلقة، إلا فقط إطالتها ومد عدد الحلقات إلى الـ30 بأى شكل ممكن.