فى صمت رهيب عاش.. وأيضًا رحل.. هكذا كانت حياة الفنان القدير محمد كامل مع الدنيا.. 72 عامًا هى عدد السنوات التى عاشها الراحل بكل ما فيها من ألم وكفاح وحب.. قضى أكثر من نصفها يعمل فى مجال الفن (سينما، مسرح، تلفزيون)، وقف أمام النجوم وذاق طعم النجومية، وبعد 25 يناير توارى مثل أغلب نجوم جيله وعرف معنى البعد عن الأضواء والألم والحسرة.
محمد كامل فنان ظلمته دنيته ومهنته ولم تستطع موهبته أن تنصفه وتضعه فى صف متقدم، بل بقى كما هو ضمن "الفنانين الغلابة"، الذين نعرف وجوههم أكثر من أسمائهم، لم نر أحد يتذكره فى عيد ميلاده، أو يمتدحه إذا أجاد تقديم شخصية فى عمل فنى، مثله كثير من الفنانين الذين يقفون على مسافة واحدة من الموهبة، ولا يجدون حماسا من الصحفيين أو النقاد.. لم يلهث وراءهم أحد لإجراء حوار صحفى معهم، أو أخذ تصريح منهم، حتى إرضاء لغرور الفنان بداخله، وظل سر قوته هو والجيل المظلوم من المواهب يكمن فى الجمهور البسيط الذى يصر على التقاط الصور معهم فى الشارع.
من مفارقات القدر أن يرحل محمد كامل عن الدنيا بعد ساعات من وفاة المخرج محمد خان، ليتأكد سوء حظه، فبالطبع تبارى الجميع فى نعى محمد خان، سواء على صفحات التواصل الاجتماعى، أو فى وسائل الإعلام المختلفة، بينما محمد كامل لم يعره أحد أى اهتمام إلا قليلا، رغم إبداعه فى تقديم عدد من الشخصيات المهمة على مدار تاريخه الفنى، منها شخصية "مرسى" التى قدمها مع النجم يحيى الفخرانى فى مسلسل "عباس الأبيض فى اليوم الأسود"، وكان قاسما مشتركا مع يحيى الفخرانى طوال الحلقات، وكذلك شخصية "سيد الملا" أيضا مع الفخرانى فى مسلسل "الليل وآخره"، و"ممدوح الطليانى" فى مسلسل "عفاريت السيالة" وشخصياته فى "الحاوى، أرابيسك، زيزينيا، ضمير أبلة حكمت، رأفت الهجان، أم كلثوم، أحلام هند وكاميليا، مبروك وبلبل، جاءنا البيان التالى" وغيرها.
رحل محمد كامل بعد 72 سنة كفاحا مع الدنيا، تاركا خلفه إرثا يقدّر بـ95 عملاً فنيا تنوعت بين سينما وتلفزيون ومسرح وسهرات درامية.. بعض هذه الأعمال مازلنا نلهث وراءها لمشاهدتها عند كل عرض.