إذا اردت أن تغتال فنانا نفسيا ومعنويا، اتهمه بالتطبيع مع إسرائيل.. وهو بالضبط ما حدث مع خالد أبو النجا وبسمة فى حسبة تصفية حسابات أقل ما يقال عنها أنها "رخيصة" ، إلى متى سنظل نحاسب الفنانين والإعلاميين على آرائهم السياسية، وهل يجب أن نخرس ألسنة كل من يرى الأشياء من منظور مختلف عما نراه؟ هل يجب محاكمة خالد أبو النجا وبسمة على طموحهما ؟ هل يجب أن نحاسبهما على سعيهما وراء لقمة العيش ؟ اعتزلهما المنتجون وتجاهلهما صناع السينما والدراما لأسباب تتعلق بآرائهما السياسية، وأغلقت أمام مواهبهما الأبواب، فماذا ننتظر منهما سوى البحث عن أسواق جديدة تستوعب موهبتهما وفنهما، لماذا لا ننظر للأمر على أنه شرف لمصر والمصريين، أن يشارك نجومنا فى أعمال عالمية، أليس الأمر طموحا مشروعا؟ ألم يفعلها عمرو الشريف، وفاتن حمامة، وجميل راتب، وشادية، وسامية جمال، وكمال الشناوى وشويكار، وخالد النبوى، وعمر واكد، وغيرهم ، هل المطلوب من كل فنان عربى أو مصرى يشارك فى عمل عالمى أن يطالب صناعه بكشف حساب يعلن فيه مصدر تمويل العمل وجنسيات وديانات وقناعات المشاركين فيه.
حسبة العمل الفنى العالمى تختلف تماما عن حسابات المصريين والعرب فى صناعة السينما والدراما، العالم كله ليس لديه "الكلاكيع" التى نضعها نحن فى مواجهة الأعمال الفنية التى لا يراها هم سوى أنه عمل فنى لا ينظرون إلى اللون أو الشكل أو الجنسية والقناعات، فالعمل فى سوق عالمى مفتوح أمر لا يخضع للتصنيفات فاللوبى الصهيونى يسيطر على الكثير من سوق صناعة السينما والدراما، وإذا حاول أى فنان عربى أن يتشرط ويضع معايير لمشاركته فى أى عمل فنى عالمى "فالباب يفوت جمل" وغيره من الفنانين لا يجد أى مشكلة فى العمل بفيلم أو مسلسل متعدد الجنسيات والديانات أيضا.
ويبدو أن العقلية المصرية فى مواجهة مثل هذه الأمور لم تتغير منذ عقود طويلة إذ سبق وشن هجوما شديدا على عمر الشريف بسبب قبلة وضعها على شفا النجمة اليهودية باربرا سترايسند وتم تأوليها تأويلات سياسية وخرج الأمر من كونها قبلة فى سياق درامى إلى أمر سياسى، وشأن عام، وأخذ الأمر أكثر من حجمه، وهو ما يجب أن نراجع فيه أنفسنا، فالفن يجب أن ينظر له على أنه فن وفقط، وإذا أردتم محاسبة أبو النجا وبسمة، شاهدوا مسلسل Tyrant واحكموا عليهما فنيا.